للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ووعدهم سبحانه مغانم كثيرةً يأخذونها وأخبرهم أنه عجل لهم هذه الغنيمة، وفيها قولان، أحدهما: أنها (١) الصلح الذي جرى بينهم وبين عدوِّهم، والثاني: أنها فتح خيبر وغنائمها (٢).

ثم قال: {وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ} [الفتح: ٢٠]، فقيل: أيدي أهل مكة أن يقاتلوهم، وقيل: أيدي اليهود حين هموا بأن يغتالوا مَن بالمدينة بعد خروج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمن معه من الصحابة منها، وقيل: هم أهل خيبر وحلفاؤهم الذين أرادوا نصرتهم من أسد وغطفان؛ والصحيح تناوُل الآية للجميع.

وقوله: {وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ} [الفتح: ٢٠]، قيل: هذه الفِعلة التي فعلها بكم وهي كفُّ أيدي أعدائكم عنكم مع كثرتهم، فإنه حينئذ كان أهل مكة ومَن حولها وأهلُ خيبر ومن حولها وأسد وغطفان وجمهور قبائل العرب أعداءً لهم، وهم بينهم كالشامة (٣)، فلم يصلوا إليهم بسوء مع كثرتهم وشدَّة عداوتهم؛ وتَوَلَّى حراستهم وحفظهم في مشهدهم ومغيبهم.


(١) س، ث، المطبوع: «أنه».
(٢) الأول روي من طريق العَوفيين عن ابن عباس، والثاني قول مجاهد وقتادة واختاره الطبري وجمهور المفسرين. انظر: «تفسير الطبري» (٢١/ ٢٨٠) و «زاد المسير» (٧/ ٤٣٥).
(٣) «كالشامة» من هامش ز، هامش س، ن. وليس في سائر الأصول. وزِيد في الأخيرين بعدَه: «فمن آيات الله سبحانه كفُّ أيدي أعدائهم عنهم»، وأخشى أن يكون زاده بعض النساخ أو القراء لربط الكلام وإيضاحه، وهو ثابت في الطبعة الهندية أيضًا إلا أنه زِيد قبلَه ــ أي بعد قوله «كالشامة» ــ زيادة أخرى وهي: «فلم يصلوا إليهم بشيء»، وكذا في طبعة الرسالة إلا أن لفظها: « ... بسوء»، وهو تكرار للكلام الآتي.