للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقيل: هي فتح خيبر، جعلها آيةً لعباده المؤمنين وعلامةً على ما بعدها من الفتوح، فإن الله وعدهم مغانم كثيرةً وفتوحًا عظيمةً، فعجَّل لهم فتح خيبر وجعلها آيةً لما بعدها وجزاءً لصبرهم ورضاهم يوم الحديبية وشكرانًا، ولهذا خصَّ بها وبغنائمها من شهد الحديبية.

ثم قال: {وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا} [الفتح: ٢٠]، فجمع لهم إلى النصر والظفر والغنائمِ الهدايةَ، فجعلهم مهتدين (١) منصورين غانمين.

ثم وعدهم مغانمَ وفتوحًا أخرى لم يكونوا ذلك الوقت قادرين عليها، فقيل: هي مكة، وقيل: فارس والروم، وقيل: الفتوح التي بعد خيبر من مشارق الأرض ومغاربها (٢).

ثم أخبر سبحانه أن الكفار لو قاتلوا أولياءه لولَّى الكفارُ الأدبارَ غيرَ منصورين، وأن هذه سنته في عباده قبلَهم، ولا تبديل لسنته.

فإن قيل: فقد قاتلوهم يوم أُحدٍ وانتصروا عليهم ولم يولُّوا الأدبار؟ قيل: هذا وعد معلَّق بشرطٍ مذكور في غير هذا الموضع، وهو الصبر والتقوى، وفات هذا الشرطُ يومَ أحدٍ بفشلهم المنافي للصبر وتنازعهم وعصيانهم المنافي للتقوى، فصرَفهم عن عدوِّهم (٣) ولم يحصل الوعدُ لانتفاء شرطه.


(١) س، ث، المطبوع: «مهديِّين».
(٢) الأول قول قتادة واختاره الطبري، والثاني قول ابن عبّاس والحسن وابن أبي ليلى، والثالث قول مجاهد. وهناك قول رابع: إنها خيبر، قاله الضحاك وابن زيد وابن إسحاق. انظر: «تفسير الطبري» (٢١/ ٢٨٤ - ٢٨٦).
(٣) ث: «عن وعدهم»، تصحيف.