للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«وهل ترك لنا عَقِيل من رِباع؟!» (١)، ولم يقل: إنه لا دار لي، بل أقرهم على الإضافة وأخبر أن عقيلًا استولى عليها، ولم ينزعها من يده.

وإضافة دورهم إليهم في الأحاديث أكثر من أن يُذكَر، كدار أم هانئ ودار خديجة ودار أبي أحمد بن جحش وغيرها، فكانوا يتوارثونها كما يتوارثون المنقول، ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «وهل ترك لنا عَقِيل من منزل؟» وكان عقيل هو ورث أبا طالبٍ دُورَه (٢)، فإنه كان كافرًا ولم يرثه عليٌّ لاختلاف الدين بينهما، فاستولى عقيل على الدور. ولم يزالوا قبل الهجرة وبعدها، بل قبل المبعث وبعده، من مات وَرِث (٣) ورثتُه دارَه، وإلى الآن.

وقد باع صفوان بن أمية دارًا لعمر بن الخطاب بأربعة آلاف درهم فاتخذها سجنًا (٤).

وإذا جاز البيع والميراث فالإجارة أجوَز وأجوز.

فهذا موقف أقدام الفريقين كما ترى، وحججهم في القوة والظهور لا تُدفَع، وحجج الله وبيناته لا يُبطل بعضُها بعضًا بل يصدق بعضها بعضًا، ويجب العمل بموجَبها كلِّها، والواجب اتباع الحق أين كان، فالصواب: القول بموجب الأدلة من الجانبين وأن الدور تملك وتوهب وتورث وتباع، ويكون نقل الملك في البناء لا في الأرض والعرصة، فلو زال بناؤه لم يكن له


(١) متفق عليه من حديث أسامة بن زيد، وقد سبق.
(٢) طبعة الرسالة: «ورث دورَ أبي طالب» خلافًا للأصول والطبعة الهندية.
(٣) «ورث» سقطت من المطبوع فاختل السياق.
(٤) علّقه البخاري مجزومًا به في «صحيحه»، وقد سبق تخريجه (ص ١٣٩).