للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعن ابن عباس أنه قال: «لو لقيت قاتل أبي في الحرم ما هِجته حتى يخرج منه» (١).

وهذا قول جمهور التابعين ومن بعدهم، بل لا يُحفظ عن تابعي ولا صحابي خلافُه، وإليه ذهب أبو حنيفة ومن وافقه من أهل العراق، والإمامُ أحمد ومن وافقه من أهل الحديث (٢).

وذهب مالك والشافعي إلى أنه يستوفى منه في الحرم كما يستوفى منه في الحل، وهو اختيار ابن المنذر (٣). واحتُجَّ لهذا القول بعموم النصوص الدالة على استيفاء الحدود والقصاص في كل مكان وزمان، وبأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قتل ابن خطل وهو متعلق بأستار الكعبة، وبما يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إن الحرم لا يعيذ عاصيًا ولا فارًّا بدم ولا خَربة» (٤)، وبأنه لو كان الحدُّ (٥) والقصاص فيما دون النفس لم يُعِذه الحرم ولم يمنعه من إقامته عليه، وبأنه لو أتى فيه ما


(١) أخرجه الفاكهي في «أخبار مكة» (٢٢١٣) والطبري في «تفسيره» (٥/ ٦٠٣) والطحاوي في «أحكام القرآن» (١٧٧٧) و «مشكل الآثار» (٩/ ٣٧٩).
(٢) انظر: «مصنف ابن أبي شيبة» (باب في إقامة الحد والقود في الحرم)، و «مختصر اختلاف العلماء» للطحاوي (٢/ ٢٤٢ - ٢٤٣)، و «المغني» (١٢/ ٤٠٩).
(٣) انظر: «النوادر والزيادات» (١٤/ ٢٢٦)، و «نهاية المطلب» (١٦/ ٣٠٦)، و «الإشراف» (٧/ ٣٧٧) و «الأوسط» (١٣/ ١١٠) كلاهما لابن المنذر.
(٤) ليس بقول للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وسيأتي كلام المصنف عليه.
(٥) س، المطبوع: «الحدود».