للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم أشار له إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: هذا رسول الله فقم إليه واستأمنه، فذكر لي أنه قام إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى جلس إليه فوضع يده في يده، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يعرفه، فقال: يا رسول الله، إن كعب بن زهير قد جاء ليستأمنك تائبًا مسلمًا، فهل أنت قابل منه إن أنا جئتك به؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «نعم»، قال: أنا يا رسول الله كعب بن زهير.

قال ابن إسحاق (١): فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة أنه وثب عليه رجل من الأنصار فقال: يا رسول الله، دعني وعدوَّ الله أضرِبْ عنقه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «دعه عنك فقد جاء تائبًا نازعًا» (٢)، قال: فغضب كعب على هذا الحيِّ من الأنصار لِما صنع به صاحبهم، وذلك أنه لم يتكلم فيه رجل من المهاجرين إلا بخير، فقال قصيدته اللامية يصف فيها محبوبته وناقته، التي أولها:

بانت سعادُ فقلبِي الْيَومَ مَتبولُ ... مُتيَّمٌ عندها لم يُجْزَ مكبولُ (٣)


(١) كما في «سيرة ابن هشام» (٢/ ٥٠٣) و «مستدرك الحاكم» (٣/ ٥٨٤). وللقصيدة شواهد، فقد أخرجها الحاكم (٣/ ٥٧٩ - ٥٨١) ــ وعنه البيهقي في «الدلائل» (٥/ ٢٠٧ - ٢١١) ــ من طريق الحجاج بن ذي الرُّقَيبة بن عبد الرحمن بن كعب بن زهير بن أبي سُلمى عن أبيه عن جده ــ والحجاج وأبوه مجهولان ــ، ومن مرسل علي بن زيد بن جُدعان، ومن مغازي موسى بن عقبة.
(٢) زيد في المطبوع بعده: «عمَّا كان عليه» نقلًا عن «سيرة ابن هشام» بلا تنبيه، وليست في شيء من الأصول، ولا في «عيون الأثر» مصدر المؤلف.
(٣) لفظ العجُز في المطبوع: «متيم إثرها لم يفدَ مكبول» خلافًا للأصول، وكذا في مطبوعة «عيون الأثر» خلافًا لأصوله الخطية. وفي الأبيات الآتية أيضًا شيء من مثل هذا التصرُّف والتغيير، أكتفي بهذا التنبيه عن التنصيص عليها في مواضعها.
وقوله: «بانت» أي: فارقتني. و «متبول»: أسقمه الحبُّ وأضناه. و «متيَّم»: مستعبَدٌ استعبده الحبُّ. و «لم يُجزَ»: لم يُفدَ من الأسر. و «مكبول»: مقيَّد.