للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبا لُبابة بن عبد المنذر لما تاب الله عليه قال: يا رسول الله، إن من توبتي أن أهجُر دار قومي وأساكنك، وأن أنخلع من مالي صدقةً لله عز وجل ولرسوله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يجزئ عنك الثلث»؟

قيل: هذا هو الذي احتج به أحمد (١) لا بحديث كعب، فإنه قال في رواية ابنه عبد الله (٢): «إذا نذر أن يتصدق بماله كلِّه أو ببعضه، وعليه دين أكثر مما يملكه، فالذي أذهب إليه أنه يجزئه من ذلك الثلث لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أبا لبابة بالثلث». وأحمد أعلم بالحديث أن يحتج بحديث كعب هذا الذي فيه ذكر الثلث، إذ المحفوظ في هذا الحديث: «أمسك عليك بعض مالك»، فكأنَّ أحمد رأى تقييد إطلاق حديث كعب هذا بحديث أبي لبابة.

وقوله فيمن نذر أن يتصدق بماله كله أو ببعضه وعليه دين يستغرقه: «إنه يجزئه من ذلك الثلث» دليلٌ على انعقاد نذره وعليه دين يستغرق ماله، ثم إذا قضى الدين أخرج مقدارَ ثلثِ ماله يومَ النذر. وهكذا قال في رواية ابنه عبد الله (٣): «إذا ذهب (٤) ماله وقضى دينه واستفاد غيره، فإنما يجب عليه إخراج ثلث ماله يومَ حنثه» يريد بيوم حنثه يوم نذره، فينظر قدر الثلث ذلك اليوم فيخرجه بعد قضاء دينه.


(١) كما في مسائل صالح وأبي داود والكوسج التي سبق العزو إليها.
(٢) ليست في المطبوع من «مسائله»، وقد نقلها عنه أبو بكر غلام الخلال في «زاد المسافر» (٤/ ٤٩٤).
(٣) هو تتمة ما سبق نقله منها، ولفظه في «زاد المسافر»: «فإن نَفِد هذا المال واستفاد غيره وقضى دينه فإنما يجب ... » إلخ بمثله.
(٤) في المطبوع: «وهب»، تحريف.