للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لاشتغالها بما هو أحبُّ إليها وإلى الطَّبيعة منه. والطَّبيعةُ إذا ظفرت بما تحبُّ آثرته على ما هو دونه.

وإن كان الوارد مؤلمًا أو محزنًا أو مخوفًا اشتغلت بمحاربته ومقاومته ومدافعته عن طلب الغذاء، فهي في حال حربها في شُغُلٍ عن طلب الطَّعام والشَّراب. فإن ظفرت في هذا الحرب انتعشت قواها وأخلفت عليها نظيرَ ما فاتها من قوَّة الطَّعام والشَّراب. وإن كانت مغلوبةً مقهورةً انحطَّ من (١) قواها بحسب ما حصل لها من ذلك. وإن كانت الحرب بينها وبين هذا العدوِّ سِجالًا فالقوَّةُ تظهر تارةً، وتختفي أخرى (٢). وبالجملة فالحرب بينهما على مثال الحرب الخارج بين العدوَّين المتقاتلين (٣)، والنَّصرُ للغالب. والمغلوب إمَّا قتيل وإمَّا جريح وإمَّا أسير.

فالمريض له مددٌ من الله يغذِّيه به، زائدٌ (٤) على ما ذكره الأطبَّاء من تغذيته بالدَّم. وهذا المدد بحسب ضعفه وانكساره وانطراحه بين يدي ربِّه عزَّ وجلَّ، فيحصل له من ذلك ما يوجب له قربًا من ربِّه، فإنَّ العبد أقرب ما يكون من ربِّه إذا انكسر قلبُه (٥)، ورحمة ربِّه قريبٌ منه. فإن كان وليًّا له


(١) «من» ساقطة من ن. ومن هنا أثبت بعض النسخ: «انحطَّت قواها» كما في الطبعة الهندية وغيرها.
(٢) س: «تختفي تارةً وتظهر أخرى».
(٣) د، ث، حط: «المتقابلين»، وكذا في الطبعة الهندية. وفي ن كما أثبت. وفي النسخ الأخرى أهمل إعجام الكلمة.
(٤) ل: «زائدًا»، وكذا في النسخ المطبوعة.
(٥) بعده في ف، د بياض يسع كلمة أو كلمتين، ولا بياض في غيرهما.