للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويذكر عنه - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: «من تداوى بالخمر فلا شفاه اللَّه!» (١).

المعالجة بالمحرَّمات قبيحةٌ عقلًا وشرعًا. أمَّا الشَّرع فما ذكرنا (٢) من الأحاديث (٣) وغيرها. وأمَّا العقل فهو أنَّ الله سبحانه إنَّما حرَّمه لخبثه، فإنَّه لم يحرِّم على هذه الأمَّة طيِّبًا عقوبةً لها، كما حرَّمه على بني إسرائيل بقوله: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ} [النساء: ١٦٠]. وإنَّما حرَّم على هذه الأمَّة ما حرَّمه (٤) لخبثه. وتحريمُه له حِمْيَة لهم وصيانة عن تناوله (٥)، فلا يناسب أن يُطلَب به الشِّفاءُ من الأسقام والعلل، فإنَّه وإن أثَّر في إزالتها، لكنَّه يُعْقِب سقمًا أعظمَ منه في القلب بقوَّة الخبث الذي فيه؛ فيكون المداوى به قد سعى في إزالة سقم البدن بسقم القلب.

وأيضًا فإنَّ تحريمه يقتضي تجنُّبه والبعد عنه بكلِّ طريقٍ، وفي اتِّخاذه دواءً حضٌّ على التَّرغيب فيه وملابستِه. وهذا ضدُّ مقصود الشَّارع.


(١) كتاب الحموي (ص ١٦١). ولم أقف عليه مرفوعًا بهذا اللَّفظ. وقد أخرجه ابن أبي شيبة (٢٣٩٦٤) عن معاوية بن هشام، عن ابن أبي ذئب، عن الزُّهريِّ، عن عائشة - رضي الله عنها - من قولها، وهذا إسناد منقطع. وأخرجه أبو نعيم في «الطِّبِّ النَّبويِّ» (٥٦) من طريق زيد بن الحباب، عن ابن أبي ذئب، عن الزُّهريِّ، عن عروة، عن عائشة. وأخرج أبو نعيم (٥٣) من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من تداوى بحرام لم يجعلِ الله له فيه شفاءً»، حسَّنه الألبانيُّ لشواهده في «السلسلة الصحيحة» (٢٨٨١).
(٢) حط، ن: «ذكرناه».
(٣) ما عدا ف، د: «هذه الأحاديث» بزيادة اسم الإشارة.
(٤) في طبعة عبد اللطيف وما بعدها: «حرَّم».
(٥) انظر: «أعلام الموقعين» (٤/ ١١٦) و «إغاثة اللهفان» (١/ ٦٠٤).