للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا ممَّا لا يناله علاج الأطبَّاء، ولا ينتفع به مَن أنكره، أو سَخِر منه، أو شكَّ فيه، أو فعَله مجرِّبًا لا يعتقد أنَّ ذلك ينفعه (١). وإذا (٢) كان في الطَّبيعة خواصُّ لا تعرف الأطبَّاء عللها البتَّة، بل هي عندهم خارجةٌ عن قياس الطَّبيعة، تفعل بالخاصِّيَّة (٣)، فما الذي تنكره زنادقتهم وجهلتهم من الخواصِّ الشَّرعيَّة!

هذا مع أنَّ في المعالجة بهذا الاستغسال ما تشهد له العقول الصَّحيحة وتُقِرُّ بمناسبته. فاعلم أنَّ تِرْياقَ سَمِّ الحيَّة في لحمها، وأنَّ علاج تأثير النَّفس الغضبيَّة في تسكين غضبها، وإطفاء ناره بوضع يدك عليه، والمسح عليه، وتسكين غضبه. وذلك بمنزلة رجلٍ معه شعلةٌ من نارٍ، وقد أراد أن يقذفك بها، فصببتَ عليها الماء، وهي في يده حتَّى طفئت.

ولذلك أمر العائن أن يقول: «اللَّهمَّ بارك عليه»، ليدفع تلك الكيفيَّة الخبيثة بالدُّعاء الذي هو إحسانٌ إلى المَعِين، فإنَّ دواء الشَّيء بضدِّه. ولمَّا كانت هذه الكيفيَّة الخبيثة تظهر في المواضع الرَّقيقة من الجسد، لأنَّها تطلب النُّفوذ، فلا تجد أرقَّ من المغابن وداخلة الإزار، ولا سيَّما إن كان كنايةً عن الفرج. فإذا غُسِلتْ بالماء بطل تأثيرُها وعملُها. وأيضًا فهذه المواضع للأرواح الشَّيطانيَّة بها اختصاصٌ. والمقصود: أنَّ غسلها بالماء يطفئ تلك النَّاريَّة، ويذهب بتلك السَّمِّيَّة.


(١) د: «لا ينفعه»، وأشير إلى هذه النسخة في هامش ز. وهو خطأ.
(٢) ل: «وإن».
(٣) كذا في جميع النسخ الخطية والمطبوعة. وقد أثبتها الحافظ ابن حجر في «الفتح» (١٠/ ٢٠٥) على هذا الوجه: « ... بل هي عندهم خارجة عن القياس، وإنما تفعل بالخاصية».