للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَسْرةً، فهل يرى إلا حسرةً (١)؟ وأنَّه لو فتَّش العالم لم ير فيهم إلا مبتلًى إمَّا بفوات محبوبٍ أو حصول مكروهٍ.

وإنَّ سرور (٢) الدُّنيا «أحلام نومٍ أو كظلٍّ زائلٍ» (٣). إن أضحكَتْ قليلًا أبكَتْ كثيرًا. وإن سرَّت يومًا ساءت دهرًا. وإن متَّعت قليلًا منعت طويلًا. وما ملأت دارًا حَبْرَة (٤) إلا ملأتها عَبْرةً، ولا سرَّته بيوم سرورٍ إلا خبَّأت له يومَ شرورٍ!

قال ابن مسعودٍ: لكلِّ فَرحةٍ تَرحةٌ، وما ملئ بيتٌ فرَحًا إلا ملئ ترَحًا (٥).


(١) انظر هذه العبارة: «ولينظر يمنة ... حسرة» ضمن فصول من كلام ابن الجوزي نقلها المصنف في «بدائع الفوائد» (٣/ ١٢١١) من «المدهش» (٢/ ٦٧١)، وهي من رسالة لبديع الزمان يعزِّي بها أبا عامر الضبي. انظر: «رسائل بديع الزمان» (ص ٩٣) و «يتيمة الدهر» (٤/ ٢٩٨).
(٢) في طبعة الرسالة: «شرور»، وهو تصحيف.
(٣) عجزه:
إنَّ اللبيب بمثلها لا يُخدَعُ
والبيت أنشده المصنف في «الداء والدواء» (ص ١٧٣) و «مفتاح دار السعادة» (ص ٤١٨) و «عدة الصابرين» (ص ٤٣٥). وهو من أبيات مشهورة تنسب إلى عمران بن حِطَّان. انظر: «شعر الخوارج» (ص ١٥٥). وفي «الزهد» لابن أبي الدنيا (ص ٢١٩) عن قتادة أن عمران أنشده إياها. وفيه (ص ١٧١) أيضًا عن الحسن البصري أن إبراهيم بن عبد الملك أنشده إياها لسليمان بن يزيد العدَوي.
(٤) يعني: «فرحة». وفي طبعة الرسالة «خيرة» تبعًا للطبعات السابقة، وهو تصحيف.
(٥) أخرجه وكيع في «الزُّهد» (٥٠٦، ٥٠٧) ــ وعنه ابن أبي شيبة (٣٥٧١٦)، وأحمد في «الزُّهد» (٩٠١) ــ، وأبو داود في «الزهد» (١٤٤، ١٤٥)، وابن أبي الدُّنيا في «الاعتبار» (٣)، والبيهقيُّ في «الشُّعب» (١٠١٥٧، ١٠١٥٨). واقتصر بعضهم على جزئه الأوَّل.