للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن سيرين: ما كان ضَحِكٌ قطُّ إلا كان من بعده بكاءٌ (١).

وقالت هند بنت النعمان: لقد رأيتُنا ونحن من أعزِّ النَّاس وأشدِّهم مُلكًا ثمَّ لم تغب الشَّمس حتَّى رأيتُنا ونحن أقلُّ النَّاس. وإنَّه حقٌّ على الله أن لا يملأ دارًا حَبْرة (٢) إلا ملأها عَبْرةً (٣).

وسألها رجلٌ أن تحدِّثه عن أمرها، فقالت: أصبحنا ذا صباحٍ وما في العرب أحدٌ إلا يرجونا، ثمَّ أمسينا وما في العرب أحدٌ إلا يرحمنا (٤).

وبكت أختها حُرَقة بنت النعمان يومًا وهي في عزِّها، فقيل لها: ما يبكيكِ؟ لعلَّ أحدًا آذاكِ. قالت: لا، ولكن رأيتُ غَضَارةً في أهلي، وقلَّما امتلأت دارٌ سرورًا إلا امتلأت حزنًا (٥).

قال إسحاق بن طلحة: دخلتُ عليها يومًا، فقلت لها: كيف رأيتِ عبرات (٦) الملوك؟ فقالت: ما نحن فيه اليوم خيرٌ ممَّا كنَّا فيه الأمس. إنَّا نجد


(١) أخرجه ابن أبي الدُّنيا في «الاعتبار» (٥).
(٢) هنا أيضًا تصحفت في النسخ المطبوعة إلى «خيرة».
(٣) أخرجه ابن أبي الدُّنيا في «الاعتبار» (٨).
(٤) المصدر السابق (١٠).
(٥) المصدر السابق (٩). وفيه: «في أهلكم»، تعني هانئ بن قبيصة. وهو الذي سألها: ما يبكيك؟ وكأنَّ المصنِّف لما حذف اسم هانئ غيَّر الضمير أيضًا. والصواب ما ورد في كتاب «الاعتبار». انظر: «التعازي» للمدائني (ص ٨٦) و «البيان والتبيُّن» (٣/ ١٤٥، ١٦١). والغَضارة: السعة وطيب العيش.
(٦) ث: «غُبَّرات» مضبوطًا بضم الغين المعجمة يعني: آخر أمرهم. وهو محتمل. وفي «المنتظم» لابن الجوزي (٢/ ٣٣٥): «عثرات». وفي مطبوعة «الاعتبار»: «خيرات»، وقد يكون مصحفًا عن «حَسَرات». وفي «المؤتلف والمختلف» للدارقطني: «عمرات»، ولعله تصحيف «غمرات». وفيه أيضًا: «إسحاق بن عبيد الله» في موضع «إسحاق بن طلحة».