للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في الكتب أنَّه ليس من أهل بيتٍ يعيشون في حَبْرة إلا سيُعْقَبون بعدها عَبْرةً، وأنَّ الدَّهر لم يظهر لقومٍ بيومٍ يحبُّونه، إلا بطَن لهم بيومٍ يكرهونه. ثمَّ قالت:

فبينا نسوسُ النَّاسَ والأمرُ أمرُنا ... إذا نحن فيهم سُوقةٌ نتنصَّف (١)

فأفٍّ لدنيا لا يدوم نعيمُها ... تقلَّبُ تاراتٍ بنا وتصرَّفُ (٢)

ومن علاجها: أن يعلم أنَّ الجزَع لا يردُّها، بل يضاعفها. وهو في الحقيقة من تزايد المرض.

ومن علاجها: أن يعلم أنَّ فوتَ ثواب (٣) الصَّبر والتَّسليم ــ وهو الصَّلاة والرَّحمة والهداية الَّتي ضمنها الله على الصَّبر والاسترجاع ــ أعظمُ من المصيبة في الحقيقة.

ومن علاجها: أن يعلم أنَّ الجزع يُشْمِتُ عدوَّه، ويسوء صديقَه، ويُغضِب ربَّه، ويسرُّ شيطانه، ويُحْبِط أجرَه، ويُضْعِف نفسَه. وإذا صبر واحتسب أنضى شيطانه وردَّه خاسئًا، وأرضى ربَّه، وسرَّ صديقه، وساء عدوَّه، وحمل عن إخوانه وعزَّاهم هو قبل أن يُعزُّوه. فهذا هو الثَّبات


(١) نتنصَّف: نخدم.
(٢) أخرجه ابن أبي الدُّنيا في «الاعتبار» (١٤). والبيتان في «حماسة أبي تمام» (ص ٣١٠) و «المؤتلف والمختلف» للآمدي (ص ١٤٥) و «مروج الذهب» (٢/ ٧٩) و «الجليس الصالح» (١/ ١٢٤ - ١٢٥).
(٣) لفظ «ثواب» ساقط من د.