للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والكمال الأعظم، لا لطمُ الخدود وشقُّ الجيوب، والدُّعاء بالويل والثُّبور، والسُّخط على المقدور.

ومن علاجها: أن يعلم أنَّ ما يُعقِبه الصَّبر والاحتساب من اللَّذَّة والمسرَّة أضعافُ ما كان يحصل له ببقاء ما أصيب به لو بقي عليه. ويكفيه من ذلك بيتُ الحمد الذي يبنى له في الجنَّة على حمده لربِّه واسترجاعه. فلينظر: أيُّ المصيبتين أعظم: مصيبة العاجلة، أو مصيبة فوات بيت الحمد في جنَّة الخلد؟

وفي الترمذي (١) مرفوعًا: «يودُّ ناسٌ يوم القيامة أنَّ جلودهم كانت تُقْرَض بالمقاريض في الدُّنيا لما يرَون من ثواب أهل البلاء».

وقال بعض السَّلف: لولا مصائب الدُّنيا لوردنا القيامة مفاليسَ (٢).


(١) برقم (٢٤٠٢) من طريق عبد الرَّحمن بن مغراء، عن الأعمش، عن أبي الزُّبير، عن جابر - رضي الله عنه - بنحوه. وأخرجه أيضًا ابن أبي الدُّنيا في «المرض» (٢٠٢)، والطَّبراني في «الصَّغير» (٢٤١)، وغيرهما. قال التِّرمذيُّ: «حديث غريبٌ، لا نعرفه بهذا الإسناد إلَّا من هذا الوجه، وقد روى بعضُهم هذا الحديثَ عن الأعمش، عن طلحة بن مصرِّف، عن مسروق قولَه شيئًا من هذا»، وفي «تاريخ دمشق» (٣٥/ ٤٥٧): «حديثٌ منكر، لا أصلَ له من حديث أبي الزُّبير، ولا من حديث الأعمش، ولا يُعرف للأعمش سماع من أبي الزُّبير، ولا رواية من وجه يصحُّ»، وبالغ ابن الجوزيِّ فذكره في «الموضوعات» (٣/ ٢٠٢)، وقال النَّوويُّ في «الخلاصة» (٢/ ٨٩٨): «إسنادُه فيه ضعف»؛ وذلك لأنَّهم تكلَّموا في حديث ابن مغراء عن الأعمش، ومع ذلك صحَّحه الضِّياء كما في «اللَّآلئ المصنوعة» (٢/ ٣٣٤)، وله شاهدٌ حسَّنه به الألبانيُّ في «السِّلسلة الصَّحيحة» (٢٢٠٦).
(٢) أخرجه أبو نعيم في «الحلية» (١٠/ ١٦٤)، والبيهقيُّ في «الشُّعب» (٩٥٢١)، من كلام إبراهيم المقري. وذكره ابن الجوزيِّ في «صفة الصَّفوة» (٤/ ٣٨) من كلام أمِّ إبراهيم العابدة.