للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن علاجها: أن يروِّح قلبه برَوْحِ رجاء الخَلَف من اللَّه، فإنَّه من كلِّ شيءٍ عوضٌ إلا اللَّه، فما منه عوضٌ كما قيل:

من كلِّ شيءٍ إذا ضيَّعتَه عوضٌ ... وما من الله إن ضيَّعته عوضُ (١)

ومن علاجها: أن يعلم أنَّ حظَّه من المصيبة ما تُحْدِثه له، فمن رضي فله الرِّضى، ومن سَخِط فله السُّخط. فحظُّك منها ما أحدَثَتْه لك، فاختَرْ خيرَ الحظوظ أو شرَّها. فإن أحدثَتْ له سخطًا وكفرًا كُتِبَ في ديوان الهالكين. وإن أحدثت له جزعًا وتفريطًا في ترك واجبٍ أو فعل محرَّمٍ كُتِبَ في ديوان المفرِّطين. وإن أحدثَتْ له شكايةً وعدم صبرٍ كُتِب في ديوان المغبونين. وإن أحدثَتْ له اعتراضًا على الله وقدحًا في حكمته، فقد قرَع بابَ الزَّندقة أو وَلَجه. وإن أحدثَتْ له صبرًا وثباتًا للَّه كُتِبَ في ديوان الصَّابرين. وإن أحدثت له الرِّضى عن اللَّه كُتِب في ديوان الرَّاضين. وإن أحدثَتْ له الحمد والشُّكر كُتِبَ في ديوان الشَّاكرين، وكان تحت لواء الحمد مع الحمَّادين (٢). وإن أحدثَتْ له محبَّةً واشتياقًا إلى لقاء ربِّه كُتِبَ في ديوان المحبِّين المخلصين.

وفي «مسند الإمام أحمد» والتِّرمذيِّ (٣) من حديث محمود بن لبيدٍ


(١) لم أقف على قائله. وقد أنشده المؤلف في «الداء والدواء» (ص ١٧٣، ٤٦٢) و «مفتاح دار السعادة» (٢/ ١١٦٩). وانظر: «طبقات الشافعية» للسبكي (٨/ ٢٢٨).
(٢) ز، ث، ل، ن: «الحامدين».
(٣) «مسند أحمد» (٢٣٦٢٣، ٢٣٦٣٣، ٢٣٦٤١)، ولفظه: «إنَّ الله إذا أحبَّ قومًا ابتلاهم، فمن صبر فله الصَّبر، ومن جزع فله الجزع»، ولم يخرجه التِّرمذيُّ من حديث محمود. وأخرجه أيضًا ابن شاهين في «فضائل الأعمال» (٢٧٤)، والبيهقيُّ في «الشُّعب» (٩٣٢٧). ورجاله ثقات، إلَّا أنَّ محمودًا اختُلف فى سماعه من النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وقد رآه وهو صغير. وحكم البيهقيُّ في «الآداب» (ص ٢٩٥) بإرساله، وحسَّن إسناده الدِّمياطيُّ في «المتجر الرَّابح» (٢٩٥)، وابن مفلح في «الآداب الشَّرعيَّة» (٢/ ١٩٠). وأمَّا اللَّفظ الَّذي ذكره المصنِّف فأخرجه التِّرمذيُّ (٢٣٩٦)، وابن ماجه (٤٠٣١)، وغيرهما من حديث أنس - رضي الله عنه -، قال التِّرمذيُّ: «حديث حسن غريب من هذا الوجه»، وهو في «السِّلسلة الصَّحيحة» (١٤٦).