للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويردُّ عليه بدل ما تحلَّل منها، ويرقِّق الغذاء، وينفذه في العروق (١).

واختلف الأطبَّاء هل يغذِّي البدن؟ على قولين. فأثبتت طائفةٌ التَّغذية به بناءً على ما يشاهَد من النُّموِّ والزِّيادة والقوَّة في البدن به، ولا سيَّما عند شدَّة الحاجة إليه.

قالوا: وبين الحيوان والنَّبات قدرٌ مشتركٌ من وجوهٍ عديدةٍ، منها: النُّموُّ، والاغتذاء، والاعتدال. وفي النَّبات قوَّة حسٍّ وحركةٍ (٢) تناسبه، ولهذا كان غذاء النَّبات بالماء. فما يُنكَر أن يكون للحيوان به نوع غذاءٍ، وأن يكون جزءًا من غذائه التَّامِّ؟

قالوا: ونحن لا ننكر أنَّ قوَّة الغذاء ومعظمه في الطَّعام، وإنَّما أنكرنا أن لا يكون للماء تغذيةٌ البتَّة.

قالوا: وأيضًا فالطَّعام إنَّما يغذِّي بما فيه من المائيَّة، ولولاها لما حصلت به التَّغذية.

قالوا: ولأنَّ الماء مادَّة حياة الحيوان والنَّبات، ولا ريب أنَّ ما كان أقرب إلى مادَّة الشَّيء حصلت به التَّغذية، فكيف إذا كان (٣) مادَّته الأصليَّة! قال الله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} [الأنبياء: ٣٠] فكيف ننكر حصول التَّغذية بما هو مادَّة الحياة على الإطلاق؟

قالوا: وقد رأينا العطشان إذا حصل له الرِّيُّ بالماء البارد تراجعت إليه


(١) كتاب الحموي (ص ٤٨٤).
(٢) «وحركة» ساقط من طبعة الرسالة.
(٣) يعني الماء. وفي الأصل وغيره: «كانت»، ولعله سهو. والمثبت من س، ث، ل.