للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لنسبته إلى شريعته ما لم ينزِّل به سلطانًا، بل يكون من آراء الرِّجال. فبحكمته وعدله ظهر خلقه وشرعه، وبالعدل والميزان قام الخلق والشَّرع، وهو التَّسوية بين المتماثلين، والتَّفريق بين المختلفين (١).

وهذا كما أنَّه ثابتٌ في الدُّنيا فهو كذلك يوم القيامة. قال تعالى: {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (٢٢) مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ} [الصافات: ٢٢ - ٢٣]. قال عمر بن الخطَّاب وبعده الإمام أحمد: أزواجهم: أشباههم ونظراؤهم (٢).

وقال تعالى: {وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ} [التكوير: ٧] أي: قُرِنَ كلُّ صاحب عملٍ بشكله ونظيره، فقرن (٣) بين المتحابَّين في الله في الجنَّة، وبين (٤) المتحابَّين في طاعة الشَّيطان في الجحيم. فالمرء مع من أحبَّ، شاء أم أبى. وفي «صحيح الحاكم» (٥) وغيره عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «لا يحبُّ المرءُ قومًا إلا حُشِر معهم».


(١) وانظر: «بدائع الفوائد» (٣/ ١٠٧٢).
(٢) قول عمر رواه ابن منيع ــ كما في «المطالب العالية» (٤/ ١٤٧) ــ بلفظ: «أزواجهم: أشباههم»، وصحَّحه ابن حجر. ورواه ابن جرير في «تفسيره» (٢١/ ٢٧، ٢٤/ ٢٤٤) ولفظه: «وأزواجَهم: ضُرباءَهم». وعزاه في «الدُّرِّ المنثور» (٧/ ٨٣) لعبد الرَّزَّاق والفريابيِّ وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقيِّ في «البعث»، ولفظه: «أمثالهم الذين هم مثلهم»، وصحَّحه الحاكم (٢/ ٤٣١).
(٣) حط، ل: «ففرق»، تصحيف.
(٤) في النسخ المطبوعة: «وقرن بين» بزيادة «قرن».
(٥) غيَّره محققا طبعة الرسالة إلى «مستدرك الحاكم» دون تنبيه، وقد ذكره الحاكم (٣/ ١٨) بلا إسنادٍ. وهو بمعناه في الصَّحيحين، فقد أخرج البخاريُّ (٥٨١٨)، ومسلم (٢٦٤١)، عن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: قيل للنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: الرَّجل يحبُّ القومَ ولمَّا يلحق بهم؟ قال: «المرءُ مع من أحبَّ».