للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمحبَّة أنواعٌ متعدِّدةٌ. فأفضلها وأجلُّها: المحبَّة في الله وللَّه، وهي تستلزم محبَّة ما أحبَّ اللَّه، وتستلزم محبَّة الله ورسوله.

ومنها محبَّة الاتِّفاق في طريقةٍ أو مذهبٍ أو دينٍ أو نِحلةٍ (١) أو قرابةٍ أو صناعةٍ أو مرادٍ ما.

ومنها: محبَّةٌ لنيل غرضٍ من المحبوب، إمَّا من جاهه، أو من ماله، أو من تعليمه وإرشاده، أو قضاء وطرٍ منه. وهذه هي المحبَّة العَرَضيَّة (٢) الَّتي تزول بزوال مُوجِبها، فإنه مَن ودَّك لأمرٍ ولَّى عند انقضائه (٣).

وأمَّا محبَّة المشاكلة والمناسبة الَّتي بين المحبِّ والمحبوب، فمحبَّةٌ لازمةٌ لا تزول إلا لمعارضٍ (٤) يزيلها. ومحبَّة العشق من هذا النَّوع، فإنَّها استحسانٌ روحانيٌّ وامتزاجٌ نفسانيٌّ. ولا يعرض في شيءٍ من أنواع المحبَّة من الوسواس والنُّحول وشغل البال والتَّلف ما يعرض من العشق (٥).

فإن قيل: فإذا كان سبب العشق ما ذكرتم من الاتِّصال والتَّناسب


(١) ل: «محلة».
(٢) حط، ل: «الغرضية».
(٣) مقولة «من ودَّك لأمر ... » تنسب إلى «بعض ملوك الهند»، وقيل: وجدت على خاتمه. انظر: «البصائر والذخائر» (١/ ١٢٧) و «التذكرة الحمدونية» (١/ ٢٧٧). وانظر: «العزلة» للخطابي (ص ٥٢). والمصنف صادر عن «طوق الحمامة» (ص ٩٥).
(٤) في طبعة عبد اللطيف وما بعدها: «لعارض».
(٥) انظر: «طوق الحمامة» (ص ٩٦).