للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرُّوحانيِّ، فما باله لا يكون دائمًا من الطَّرفين، بل تجده كثيرًا من طرف العاشق وحده؟ فلو كان سببه الاتِّصال النَّفسيَّ والامتزاج الرُّوحانيَّ لكانت المحبَّة مشتركةً بينهما (١).

فالجواب: أنَّ السَّبب قد يتخلَّف عنه مسبَّبُه لفوات شرطٍ، أو لوجود مانعٍ. وتخلُّفُ المحبَّة من الجانب الآخر لا بدَّ أن يكون لأحد ثلاثة أسبابٍ:

الأوَّل (٢): علَّةٌ في المحبَّة، وأنَّها محبَّةٌ عرضيَّةٌ غرضية (٣)، لا ذاتيَّةٌ. ولا يجب الاشتراك في المحبَّة العرضيَّة الغرضية، بل قد يلزمها نفرةٌ من المحبوب.

الثَّاني: مانعٌ يقوم بالمحبِّ يمنع محبَّة محبوبه له، إمَّا في خَلْقه أو في خُلُقه أو هَدْيه أو فعله أو هيئته أو غير ذلك.

الثَّالث: مانعٌ يقوم بالمحبوب يمنع مشاركته للمحبِّ في محبَّته. ولولا ذلك المانع لقام به من المحبَّة لمحبِّه مثلُ ما قام بالآخر.

فإذا انتفت (٤) هذه الموانع، وكانت المحبَّة ذاتيَّةً، فلا تكون قطُّ إلا من الجانبين. ولولا مانعُ الكبر والحسد والرِّياسة والمعاداة في الكفَّار لكانت الرُّسل أحبَّ إليهم من أنفسهم وأهليهم وأموالهم. ولمَّا زال هذا المانع من


(١) قارن هذا الإيراد وجوابه بما قاله ابن حزم في المصدر السابق.
(٢) لفظ «الأول» ساقط من ز.
(٣) لفظة «غرضية» ساقطة من النسخ المطبوعة، وكذا «الغرضية» فيما يأتي. ظنَّها ناسخ أو ناشر مكررة إذ قرأها بالعين المهملة كسابقتها.
(٤) ز، س، ل: «اتفقت»، تصحيف.