للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقالت طائفةٌ أخرى: الحديثان صحيحان، ولكن حديث التَّحريم ناسخٌ، وهذه طريقة أبي محمد ابن حزم (١) وغيره. قالوا: لأنَّه ناقلٌ عن الأصل، والأحكام كانت قبل التَّحريم على الإباحة. ودعوى هؤلاء تحتاج إلى تاريخٍ محقَّقٍ يبيِّن تأخُّر أحد الحديثين عن الآخر، وأنَّى لهم به!

وقد اتَّفق عمر وعلي على أنَّها لا تكون موءودةً حتَّى تمرَّ عليها التَّارات السَّبع، فروى القاضي أبو يعلى وغيره (٢) بإسناده عن عُبيد بن رفاعة عن أبيه قال: جلس إلى عمر عليٌّ والزبيرُ وسعدٌ في نفرٍ من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتذاكروا العزلَ، فقالوا: لا بأس به. فقال رجلٌ: إنَّهم يزعمون أنَّها الموءودة الصُّغرى، فقال علي: لا تكون موءودة حتَّى تمرَّ عليها التَّارات السَّبع حتَّى تكون من سلالةٍ من طينٍ، ثمَّ تكون نطفةً، ثمَّ تكون علقةً، ثمَّ تكون مضغةً، ثمَّ تكون عظمًا (٣)، ثمَّ تكون لحمًا، ثمَّ تكون خلقًا آخر، فقال عمر: صدقتَ أطال الله بقاءك. وبهذا احتجَّ من احتجَّ على جواز الدُّعاء للرَّجل بطول البقاء.


(١) ينظر «المحلى»: (١٠/ ٧٠ - ٧١).
(٢) لم أجده عنده، وقد عزاه ابن رجب في «جامع العلوم»: (١/ ١٥٦) للدارقطني، وهو عنده بسند ضعيف في «المؤتلف والمختلف»: (٢/ ٨٧٧) من طريق محمد بن مَخْلَد, حدثنا علي بن حرب, حدثنا زيد بن أبي الزرقاء، عن ابن لَهِيعَة, عن يزيد بن أبي حبيب, عن معمر بن أبي حُيَيَّة, عن عبيد بن رفاعة, عن أبيه رفاعة بن رافع - رضي الله عنه - . ورجاله ثقات غير ابن لهيعة، فهو ضعيف ما لم يرو عنه من سمع منه قبل الاختلاط.
(٣) م، ط الفقي والرسالة: «عظامًا».