للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأمة، وقد احتجَّ الإمام أحمد بهذا القضاء عن علي، وضعَّفه أبو محمَّد بن حزمٍ (١) بالمنهال بن عمرو، وبابن أبي ليلى، ولم يصنع شيئًا، فإنَّهما ثقتان حافظان جليلان، ولم يزل النَّاسُ يحتجُّون بابن أبي ليلى على شيءٍ ما في حفظه يُتَّقى منه ما خالف فيه الأثبات وما تفرَّد به عن النَّاس، وإلَّا فهو غير مدفوعٍ عن الأمانة والصَّدق.

فتضمَّن هذا القضاء أمورًا:

منها: وجوب قَسْم الابتداء، وهو أنَّه إذا تزوَّج بكرًا على ثيِّبٍ، أقام عندها سبعًا ثمَّ سوَّى بينهما (٢)، وإن كانت ثيِّبًا خيَّرها بين أن يقيم عندها سبعًا، ثمَّ يقضيها للبواقي، وبين أن يقيم عندها ثلاثًا ولا يحاسبها بها (٣)، هذا قول الجمهور، وخالف فيه إمام أهل الرَّأي وإمام أهل الظَّاهر (٤)، وقالوا: لا حقَّ للجديدة غير ما تستحقُّه التي عنده، فيجب عليه التَّسوية بينهما.

ومنها: أنَّ الثَّيِّب إذا اختارت السَّبعَ قضاهنَّ للبواقي، واحتسب عليها بالثَّلاث، ولو اختارت الثَّلاث لم يحتسب عليها بها، وعلى هذا فمن سُومح بثلاثٍ دون ما فوقها ففعل أكثر منها، دخلت الثَّلاثُ في الذي لم يسامح به، بحيث لو ترتَّب عليه إثْمٌ تمَّ (٥) على الجميع. وهذا كما رخَّص النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -


(١) (١٠/ ٦٦).
(٢) «ثم سوّى بينهما» ليست في د، ب.
(٣) من ز، ح، م.
(٤) ينظر «المهذب»: (٢/ ٤٨٣)، و «الوسيط»: (٥/ ٢٩١ - ٢٩٢)، و «المبسوط»: (٥/ ٣٩٣)، و «المحلى»: (١٠/ ٦٥ - ٦٨).
(٥) د، ز، ب: «تم أتم». وفي ح، م، ط الهندية: «إثم إثم». وفي ن: «إثم على». والظاهر أنها ما أثبت، والله أعلم.