للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منافعَ بُضْعها، وقد جاء في بعض طرق حديث بريرة أنَّه - صلى الله عليه وسلم - قال لها: «ملكْتِ نفسك فاختاري» (١).

فإن قيل: فهذا ينتقض بما لو زوَّجها ثمَّ باعها، فإنَّ المشتري قد ملَكَ رقبتها وبُضْعَها ومنافعه، ولا تسلِّطونه على فسخ النِّكاح.

قلنا: لا يرد هذا نقضًا، فإنَّ البائع نقل إلى المشتري ما كان مملوكًا له فصار المشتري خليفته، وهو لمَّا زوَّجها أخرجَ منفعةَ البُضع عن ملكه إلى الزَّوج، ثمَّ نقلها إلى المشتري مسلوبةً منفعةَ البُضع، فصار كما لو آجر عبدَه مدَّةً ثمَّ باعه.

فإن قيل: فهب أنَّ هذا يستقيم لكم فيما إذا باعها، فهلَّا قلتم ذلك إذا أعتقها، وأنَّها ملكَتْ نفسَها مسلوبةً منفعةَ البُضع، كما لو آجرها ثمَّ عَتَقها؟ وبهذا ينتقض عليكم هذا المأخذ.

قيل: الفرق بينهما أنَّ العتق في تمليك العتيق رقبتَه ومنافعَه أقوى من


(١) ذكره ابن عبد البر في «التمهيد»: (٣/ ٥٧)، و «الاستذكار»: (١٧/ ١٥٤)، ونفى شهرتَه بل وثبوتَه القرطبيُّ في «المفهم»: (١٣/ ١٥٠). وقد أخرجه بنحوه ابن سعد في «الطبقات»: (٨/ ٢٥٩) عن الشعبي مرسلًا، ولفظه: «قد أُعتق بُضعكِ معك فاختاري». ووصله الدارقطني في «السنن» (٣٧٦٠) بلفظ: «اذهبي فقد عَتَق معك بُضعكِ» من طريق عروة عن عائشة، وفيه عنعنة ابن إسحاق وهو مدلس. والحاصل: أن الحديث لم يخل له طريق من مقال.

تنبيه: تصحف هذا الإسناد في مطبوعة الدارقطني إلى: «حدثني أبو الأصبغ الحراني, نا عبد العزيز بن يحيى» فأوهم أنه رجلان؛ والصواب: «أبو الأصبغ عبد العزيز» رجلٌ واحد.