للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثَّالث: أنَّ العدَّة فيه ثلاثة قروءٍ.

وقد ثبت بالنَّصِّ والإجماع أنَّه لا رجعة في الخُلْع، وثبت بالسُّنَّة وأقوال الصَّحابة أنَّ العدَّة فيه حيضةٌ واحدةٌ، وثبت بالنَّصِّ جوازه بعد طلقتين، ووقوع ثالثةٍ بعده، وهذا ظاهرٌ جدًّا في كونه ليس بطلاقٍ، فإنَّه سبحانه قال: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: ٢٢٩]، وهذا وإن لم يختصَّ بالمطلَّقة تطليقتين، فإنَّه يتناولها (١) وغيرها، ولا يجوز أن يعود الضَّمير إلى مَن لم يُذكَر، ويخلّى منه المذكور، بل إمَّا أن يختصَّ بالسَّابق أو يتناوله وغيره (٢).

ثمَّ قال: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ} [البقرة: ٢٣٠] وهذا يتناول مَن طُلِّقت بعد فديةٍ وطلقتين (٣) قطعًا لأنَّها هي المذكورة، فلا بدَّ من دخولها تحت اللَّفظ، وهذا فهم تُرجمان القرآن الذي دعا له رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن يعلِّمه الله تأويل القرآن، وهي دعوةٌ مستجابةٌ بلا شكٍّ.

وإذا كانت أحكام الفِدْية غير أحكام الطَّلاق دلَّ على أنَّها من غير جنسه، فهذا مقتضى النَّصِّ والقياس وأقوال الصَّحابة.


(١) د، ب: «يتناولهما».
(٢) ب: «هو وغيره».
(٣) ح: «فيه وطلقتين»، ب: «فدية طلقتين»، ومكان «فدية» بياض في م وفي الهامش: «لعله: فدية».