للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثَّانية: أن لا يقصد اللَّفظَ ولا حكمَه.

الثَّالثة: أن يقصد اللَّفظَ دون حكمِه.

الرَّابعة: أن يقصد اللَّفظَ والحكَم.

فالأوليان لغوٌ، والآخرتان معتبرتان (١). هذا الذي استفيد من مجموع نصوصه وأحكامه، وعلى هذا فكلام المكره كلُّه لغوٌ لا عبرةَ به، وقد دلَّ القرآنُ على أنَّ مَن أُكْرِه على التَّكلُّم بكلمة الكفر لا يكفر، ومَن أُكْرِه على الإسلام لا يصير به مسلمًا، ودلَّت السُّنَّة على أنَّ الله سبحانه تجاوز عن المكره فلم يؤاخِذْه بما أكره عليه، وهذا يراد به كلامه قطعًا.

وأمَّا أفعاله، ففيها تفصيلٌ، فما أبيح منها بالإكراه فهو متجاوَزٌ عنه كالأكل في نهار رمضان، والعمل في الصَّلاة، ولبس المخيط في الإحرام، ونحو ذلك. وما لا يباح بالإكراه فهو مؤاخذٌ به كقتل المعصوم وإتلاف ماله. وما اخْتُلف فيه كشرب الخمر والزِّنا والسَّرقة هل يُحَدُّ به أو لا؟ فللاختلاف (٢) هل يباح ذلك بالإكراه أو لا؟ فمَن لم يبحه حدَّه به، ومن أباحه بالإكراه لم يحدَّه، وفيه قولان للعلماء، وهما روايتان عن الإمام (٣) أحمد (٤).

والفرق بين الأقوال والأفعال في الإكراه: أنَّ الأفعال إذا وقعت لم ترتفع مفسدتُها، بل مفسدتها معها، بخلاف الأقوال فإنَّها يمكن إلغاؤها وجعلها


(١) ز، ب: «والأخريان معتبران»، وط الهندية: «والاخيران معتبران».
(٢) ح، ب: «فالاختلاف». وفي هامش م: «لعله: فكالاختلاف».
(٣) ليست في ح، م، ن، ط الهندية.
(٤) ينظر «الفروع»: (١٠/ ٦١)، و «المبدع»: (٩/ ٦٥).