للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بمنزلة أقوال النَّائم والمجنون، فمفسدة الفعل الذي لا يباح بالإكراه ثابتةٌ بخلاف مفسدة القول، فإنَّها إنَّما تثبت (١) إذا كان قائله عالمًا به مختارًا له.

وقد روى وكيعٌ، عن ابن أبي ليلى، عن الحكم بن عُتَيبة (٢)، عن خيثمة بن عبد الرحمن، قال: قالت امرأةٌ لزوجها: سمِّني فسمَّاها الظَّبية (٣)، فقالت: ما قلتَ شيئًا، قال: فهاتِ ما أسمِّيكِ به، قالت: سمِّني خليَّة طالق (٤)، قال: فأنتِ خليَّةٌ طالقٌ، فأتت عمر بن الخطَّاب فقالت: إنَّ زوجي طلَّقني، فجاء زوجها فقصَّ عليه القصَّة، فأوجعَ عمرُ رأسَها، وقال لزوجها: خذ بيدها وأوجع رأسها (٥).

فهذا الحكم من أمير المؤمنين بعدم الوقوع لمَّا لم يقصد الزَّوجُ اللَّفظَ الذي يقع به الطَّلاق، بل قصد لفظًا لا يريد به الطَّلاق، فهو كما لو قال عن أمَتِه (٦) أو غلامه: إنِّها حرَّةٌ. وأراد أنَّها ليست بفاجرةٍ، أو قال لامرأته: أنتِ مسرَّحةٌ أو سرَّحتك. ومراده تسريح الشَّعر ونحو ذلك، فهذا لا يقع عتقُه ولا


(١) د: «ثبتت».
(٢) ح: «سفيان بن عيينة»، تصحيف.
(٣) تصحفت في ز، ص، م، ن: «الطيبة»، وهي على الصواب في ب، د، ح ومصادر الحديث الآتية.
(٤) كذا في جميع النسخ و «المحلى»: «طالق» بالرفع، وفي ط الهندية وغيرها «طالقًا» وهو الوجه إلا إن حملناه على لغة ربيعة.
(٥) أخرجه ابن حزم في «المحلى» (١٠/ ٢٠٠) والمؤلف صادر عنه، وأخرجه سعيد بن منصور (١١٩٢)، وأبو عبيد في «غريب الحديث»: (٣/ ٣٧٩)، ومن طريقه البيهقي: (٧/ ٣٤١)، وفي إسناده ابن أبي ليلى متكلم فيه.
(٦) ن، ط الهندية: «قال لأمته ... ».