للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طلاقُه بينه وبين الله تعالى، وإن قامت قرينةٌ أو تصادقا في الحكم لم يقع به.

فإن قيل: فهذا من أيِّ الأقسام؟ فإنَّكم جعلتم المراتب أربعةً، ومعلومٌ أنَّ هذا ليس بمكْرَهٍ، ولا زائل العقل، ولا هازلٍ، ولا قاصدٍ لحكم اللَّفظ؟

قيل: هذا متكلِّمٌ باللَّفظ مريدٌ به (١) أحدَ معنييه، فلزمه حكم ما أراده بلفظه دون ما لم يرده، فلا يُلزَم بما لم يرده باللَّفظ إذا كان صالحًا لما أراده، وقد استحلف النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - رُكانة لمَّا طلَّق امرأته البتَّة فقال: «ما أردْتَ؟». قال: واحدةً. قال: «آللَّه». قال: آللَّه. قال: «هو ما أردت» (٢).

فقبل منه نيَّته في اللَّفظ المحتمل. وقد قال مالك: إذا قال: أنتِ طالقٌ البتَّة، وهو يريد أن يحلف على شيءٍ، ثمَّ بدا له فترك اليمين فليست طالقًا؛ لأنَّه لم يرد أن يطلِّقها (٣)، وبهذا أفتى اللَّيث بن سعدٍ (٤) والإمام أحمد، حتَّى


(١) ب: «يريد».
(٢) أخرجه أبو داود (٢٢٠٨)، والترمذي (١١٧٧)، وابن ماجه (٢٠٥١)، من طريق الزبير بن سعيد عن عبد الله بن علي بن يزيد بن ركانة، عن أبيه، عن جده، وفيه أربع علل: جهالة علي بن يزيد، وضعف عبد الله بن علي، والزبيرِ بن سعيد، والاضطراب كما نقله الترمذي عن البخاري. وله طريق آخر عند أبي داود (٢٢٠٦، ٢٢٠٧)، وسنده ضعيف؛ لجهالة نافع بن عجير. وقد ضعف الحديثَ أحمدُ وقال: «طرقه كلها ضعيفة»، والبخاريُّ، وابن حزم في «المحلى»: (١٠/ ١٩١)، وابن تيمية في «الفتاوى»: (٣٢/ ٣١١)، والمصنف كما سيأتي، وفي «تهذيب السنن»: (١/ ٥٢٦ - ٥٢٧)، والشوكاني في «النيل»: (٧/ ١١)، والألباني في «الإرواء» (٢٠٦٣)، وصححه ابن حبان (١٣٢١)، والحاكم: (٢/ ١٩٩)، والنووي في «شرح مسلم»: (١٠/ ٧١).
(٣) ذكره في «المدونة»: (٢/ ٢٩٢).
(٤) ذكره ابن حزم في «المحلى»: (١٠/ ٢٠٠) عنهما، والمؤلف صادر عنه. وينظر «أعلام الموقعين»: (٣/ ٥٢٨ - ٥٢٩).