للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السَّكران ليس بجائزٍ يزعم أنَّ سكرانًا لو جنى جنايةً، أو أتى حدًّا، أو ترك الصِّيام أو الصَّلاة، كان بمنزلة المُبَرْسَم والمجنون، هذا كلام سوء (١).

والفرق الثَّاني: أنَّ إلغاء أقواله لا يتضمَّن مفسدةً؛ لأنَّ الكلام (٢) المجرَّد من غير العاقل لا مفسدةَ فيه بخلاف الأفعال، فإنَّ مفاسدها لا يمكن إلغاؤها إذا وقعت، فإلغاء أفعاله ضررٌ محضٌ وفسادٌ منتشرٌ بخلاف أقواله، فإن صحَّ هذان الفَرْقان بطل الإلحاق، وإن لم يصحَّا كانت التَّسوية بين أقواله وأفعاله متعيِّنةً.

وأمَّا المأخذ الثَّاني: وهو أنَّ إيقاع الطَّلاق به عقوبةٌ، ففي غاية الضَّعف، فإنَّ الحدَّ يكفيه عقوبةً، وقد حصل رضى الله سبحانه من هذه العقوبة بالحدِّ، ولا عهد لنا في الشَّريعة بالعقوبة بالطَّلاق، والتَّفريق بين الزَّوجين.

وأمَّا المأخذ الثَّالث: أنَّ إيقاع الطَّلاق به من ربط الأحكام بالأسباب، ففي غاية الفساد والسُّقوط، فإنَّ هذا يوجبُ إيقاعَ الطَّلاق بمن سكر مكرهًا، أو جاهلًا بأنَّها خمرٌ، وبالمجنون والمُبَرْسَم، بل وبالنَّائم. ثمَّ يقال: وهل ثبت لكم أنَّ طلاق السَّكران سببٌ حتَّى يُربط الحكمُ به، وهل النِّزاع إلا في ذلك؟

وأمَّا المأخذ الرَّابع: وهو أنَّ الصَّحابة جعلوه كالصَّاحي في قولهم: إذا شَرِب سَكِر، وإذا سَكِر هذَى. فهو خبرٌ لا يصحُّ البتَّة.


(١) كذا في د، ص، ب، وفي ح، م، ن، ط الهندية: «سوء أف» وإن كان رسمها «سواف»، وفي «زاد المسافر»: «سوء أف أو هذا كلام سوء».
(٢) د، ح، م: «القول».