للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأصْرَح من ذلك قوله تعالى: {سَنُعَذِّبُهُمْ} [التوبة: ١٠١]، فهذا مرَّةً بعد مرَّةٍ، ولا ينتقض هذا بقوله تعالى: {نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ} [الأحزاب: ٣١]، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «ثلاثةٌ يؤتون أجرهم مرَّتين» (١)، فإنَّ المرَّتين هنا هما الضِّعفان، وهما المِثْلان، وهما مِثْلان في القَدْر، كقوله تعالى: {يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ} [الأحزاب: ٣٠]، وقوله: {فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ} [البقرة: ٢٦٥]، أي: ضِعْفَي ما يعذَّب به غيرها، وضِعْفَي ما كانت تُؤتي، ومن هذا قول أنس: «انشقَّ القمر على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرَّتين» (٢)، أي: شقَّتين وفرقتين، كما في اللَّفظ الآخر: «انشقَّ القمر فلقتين» (٣).

وهذا أمرٌ معلومٌ قطعًا أنَّه إنَّما انشقَّ (٤) مرَّةً واحدةً، والفرق معلومٌ بين ما يكون مرَّتين في الزَّمان، وبين ما يكون مِثْلين وجزأين ومرَّتين في المضاعفة.

فالثَّاني يتصوَّر فيه اجتماع المرَّتين (٥) في آنٍ واحدٍ، والأوَّل لا يتصوَّر فيه ذلك.

وممَّا يدلُّ على أنَّ الله لم يشرع الثَّلاث جملةً: أنَّه تعالى قال:


(١) أخرجه البخاري (٣٠١١)، ومسلم (١٥٤) من حديث أبي موسى، وذكرهم: «الرجل تكون له الأمة، فيعلمها فيحسن تعليمها، ويؤدّبها فيحسن أدبها، ثم يعتقها فيتزوجها، ومؤمن أهل الكتاب، الذي كان مؤمنًا، ثم آمن بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، والعبد الذي يؤدي حق الله وينصح لسيده».
(٢) أخرجه البخاري (٣٦٣٧) ومسلم (٢٨٠٢) واللفظ له.
(٣) عند مسلم (٢٨٠٠) من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - .
(٤) في المطبوع زيادة: «القمر» وليست في النسخ.
(٥) ج، م: «اجتماعٌ لمرتين».