للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونسبة أهله إلى الفجور، بل ذلك أشْوشُ (١) عليه وأكرهُ شيءٍ إليه، فكان هذا لَوْثًا ظاهرًا، فإذا انضاف إليه نكولُ المرأة قوِي الأمر جدًّا في قلوب النَّاس خاصِّهم وعامِّهم، فاستقلَّ ذلك بثبوت حكم الزِّنا عليها شرعًا، فحُدَّت بلعانه، ولكن لمَّا لم تكن أيمانه بمنزلة الشُّهداء الأربعة حقيقةً كان لها أن تعارضها بأيمانٍ أخرى مثلها، يُدرأ عنها بها (٢) عذابُ الحدِّ المذكور في قوله تعالى: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: ٢]، ولو كان لعانُه بيِّنةً (٣) حقيقةً لما دفعتْ أيمانُها عنها شيئًا.

وهذا يتَّضح بالفصل الثَّاني المستفاد من قضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو أنَّ المرأة إذا لم تَلتعِنْ فهل تُحدُّ أو تُحبس حتَّى تُقِرَّ أو تُلاعِن؟ فيه قولان للفقهاء:

فقال الشَّافعيُّ وجماعةٌ من السَّلف والخلف: تُحَدُّ، وهو قول أهل الحجاز.

وقال أحمد: تُحبس حتَّى تُقِرَّ أو تلاعن، وهو قول أهل العراق. وعنه روايةٌ ثانيةٌ: لا تُحبس ويُخلَّى سبيلها.

قال أهل العراق ومن وافقهم: لو كان لعان الرَّجل بيِّنةً توجب الحدَّ عليها لم تَملِكْ إسقاطَه باللِّعان وتكذيب البيِّنة، كما لو شهد عليها أربعةٌ.

قالوا: ولأنَّه لو شهد عليها مع ثلاثةٍ غيره لم تُحَدَّ بهذه الشَّهادة، فلأن لا تُحَدَّ بشهادته وحدَه أولى وأحرى.


(١) كذا في عامة النسخ، من التشويش بمعنى الإفساد والتخليط. وفي ب: «أسوأ شيء».
(٢) بعدها في د، ص: «العذاب». وليست في بقية النسخ.
(٣) م: «عنه». والمثبت من بقية النسخ.