للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالوا: ولأنَّه أحد اللاعنَيْنِ (١)، فلا يُوجِب حدَّ الآخر كما لم يُوجِب لعانُها حدَّه.

قالوا: وقد قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «البيِّنة على المدَّعي» (٢)، ولا ريبَ أنَّ الزَّوج هاهنا مدَّعٍ.

قالوا: ولأنَّ موجَبَ لعانِه إسقاطُ الحدِّ عن نفسه لا إيجابُ الحدِّ عليها، ولهذا قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «البيِّنة وإلَّا حدٌّ في ظهرك» (٣)، فإنَّ موجب قذف الزَّوج كموجب قذف الأجنبيِّ وهو الحدُّ، فجعل الله سبحانه له طريقًا إلى التَّخلُّص منه باللِّعان، وجعل طريقَ إقامة الحدِّ على المرأة أحد أمرين: إمَّا أربعة شهودٍ، أو اعترافٌ أو الحَبَلُ عند من يَحُدُّ به من الصَّحابة، كعمر بن الخطَّاب ومن وافقه، وقد قال عمر بن الخطَّاب على منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: والرَّجم واجبٌ على كلِّ من زنا من الرِّجال والنِّساء إذا كان مُحصَنًا إذا قامت بيِّنةٌ، أو كان الحبل أو الاعتراف (٤). وكذلك قال علي - رضي الله عنه - (٥)، فجعلا طريق


(١) م، ح: «اللعانين».
(٢) أخرجه البيهقي (١٠/ ٢٥٢) من حديث ابن عباس، وحسن إسناده الحافظ في «الفتح» (٥/ ٢٨٣)، وأصل الحديث في البخاري (٤٥٥٢) ومسلم (١٧١١) بلفظ: «لو يعطى الناس بدعواهم ادَّعى ناس دماء رجال وأموالهم، ولكن اليمين على المدعى عليه». وفي الباب عن عمر، وعبد الله بن عمرو، والأشعث بن قيس. انظر: «الإرواء» (٢٦٤١).
(٣) أخرجه البخاري (٢٦٧١، ٤٧٤٧) من حديث ابن عباس.
(٤) أخرجه البخاري (٦٨٢٩، ٦٨٣٠) ومسلم (١٦٩١) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -.
(٥) أخرجه الضياء في «المختارة» (٦٠٦) بسند صحيح، من طريق عبد الله بن شداد بن الهاد عنه، وأخرجه عبد الرزاق (١٣٣٥٣)، وابن الجعد (١٧٦)، وابن أبي شيبة (٢٩٤١٧) بسند فيه انقطاع وجهالة، من طريق الشعبي وعمرو بن نافع عنه؛ قال: الرجم رجمان: فرجم يرجم الإمام ثم الناس، ورجم يرجم الشهود ثم الإمام ثم الناس. فأما الرجم الذي يبدأ الإمام فالحبَل والاعتراف، ورجم الشهود إذا شهدوا بدؤوا.