للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالوا: وأمَّا قول النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «البيِّنة على المدَّعي»، فسمعًا وطاعةً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا ريبَ أنَّ لعان الزَّوج المذكور المكرَّر بيِّنةٌ، وقد انضمَّ إليها نكولُها الجاري مجرى إقرارها عند قومٍ، ومجرى بيِّنة المدَّعين عند آخرين، وهذا من أقوى البيِّنات. ويدلُّ عليه أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال له: «البيِّنة وإلَّا حدٌّ في ظهرك» (١)، ولم يُبطِل الله سبحانه هذا، وإنَّما نقلَه عند عجزه عن بيِّنةٍ منفصلةٍ تُسقِط الحدَّ عنه يَعجِز عن إقامتها، إلى بيِّنةٍ يتمكَّن من إقامتها، ولمَّا كانت دونها في الرُّتبة اعتُبِر لها مقوٍّ منفصلٌ، وهو نكولُ المرأة عن دفعها ومعارضتها مع قدرتها وتمكُّنها.

قالوا: وأمَّا قولكم: إنَّ موجَبَ لعانه إسقاطُ الحدِّ عن نفسه، لا إيجاب (٢) الحدِّ عليها ... إلى آخره، فإن أردتم أنَّ من موجَبه إسقاطَ الحدِّ عن نفسه فحقٌّ، وإن أردتم أنَّ سقوط الحدِّ عنه (٣) جميعُ موجَبِه، ولا موجَبَ له سواه، فباطلٌ قطعًا، فإنَّ وقوعَ الفُرقة أو وجوب التَّفريق، والتَّحريمَ المؤبَّد أو المؤقَّت، ونفْيَ الولد المصرَّح بنفيه أو المكتفى في نفيه باللِّعان، ووجوبَ العذاب على الزَّوجة: إمَّا عذاب الحدِّ أو عذاب الحبس= كلَّ ذلك من موجَب اللِّعان، فلا يصحُّ أن يقال: إنَّما يوجِب سقوطَ حدِّ القذف عن الزَّوج فقط.

قالوا: وأمَّا قولكم: إنَّ الصَّحابة جعلوا حدَّ الزِّنا بأحد ثلاثة أشياء؛ إمَّا البيِّنة أو الاعتراف أو الحبل، واللِّعان ليس منها، فجوابه أنَّ منازعيكم يقولون: إن كان


(١) سبق تخريجه.
(٢) ص: «لا يجاب».
(٣) بعدها في المطبوع: «يسقط». وليست في النسخ، وهي تفسد المعنى.