للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهو الصَّحيح دليلًا، وأحمد في المشهور عنه وعامَّة (١) أصحابه عيَّنوا الأب.

قال من رجَّح الأمَّ: قد جرت العادة بأنَّ الأب يتصرَّف في المعاش والخروج ولقاء النَّاس، والأمُّ في خِدْرها مقصورةٌ في بيتها، فالبنت عندها أصْونُ وأحفظُ بلا شكٍّ، وعينُها عليها دائمًا بخلاف الأب، فإنَّه في غالب الأوقات غائبٌ عن البيت (٢) أو في مظنَّة ذلك، فجعلُها عند أمِّها أصْوَنُ لها وأحفظ.

قالوا: وكلُّ مفسدةٍ يَعرِض وجودُها عند الأمِّ فإنَّها تَعرِض أو أكثر منها عند الأب، فإنَّه إن تركها في البيت وحدها لم يأمن عليها، وإن تركها عند امرأته أو غيرها فالأمُّ أشفقُ عليها وأصونُ لها من الأجنبيَّة.

قالوا: وأيضًا فهي محتاجةٌ إلى تعلُّم ما يصلح للنِّساء من الغَزْل والقيام بمصالح البيت، وهذا إنَّما تقوم به النِّساء لا الرِّجال، فهي أحوجُ إلى أمِّها لتعلِّمها ما يصلُح للمرأة، وفي دفعها إلى أبيها تعطيلُ هذه المصلحة، أو إسلامُها إلى امرأةٍ أجنبيَّةٍ تُعلِّمها ذلك، أو ترديدُها بين الأمِّ وبينه، وفي ذلك تمرينٌ لها على البروز والخروج، فمصلحة البنت والأمِّ والأب أن تكون عند أمِّها. وهذا القول هو الذي لا نختار سواه.

قال من رجَّح الأب: الرِّجال أغْيرُ على البنات من النِّساء، فلا تستوي غيرة الرَّجل على ابنته وغيرة الأمِّ أبدًا، وكم من أمٍّ تُساعد ابنتَها على ما تهواه، ويَحمِلُها على ذلك ضعفُ عقلها، وسرعةُ انخداعها، وضعفُ داعي الغيرة


(١) م: «واختيار عامة».
(٢) كذا في النسخ. وفي المطبوع: «البنت».