للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعَدَّيناه إلى سائر الكفَّارات.

ثمَّ قال من قدَّر طعامَ الزَّوجة: ثمَّ رأينا النَّفقات والكفَّارات قد اشتركا في الوجوب، فاعتبرنا إطعام النَّفقة بإطعام الكفَّارة، ورأينا الله سبحانه قد قال في جزاء الصَّيد: {الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ} [المائدة: ٩٥]، وأجمعت (١) الأمَّة أنَّ الطَّعام مقدَّرٌ فيها، ولهذا لو عُدِمَ الطَّعام صام عن كلِّ مدٍّ يومًا، كما أفتى به ابن عبَّاسٍ والنَّاس بعده. فهذا ما احتجَّت به هذه الطَّائفة على تقدير طعام الكفَّارة.

قال الآخرون: لا حجَّةَ في أحدٍ دون الله ورسوله وإجماع الأمَّة، وقد أمرنا تعالى أن نردَّ ما تنازعنا فيه إليه وإلى رسوله، وذلك خيرٌ لنا حالًا وعاقبةً، ورأينا الله سبحانه إنَّما قال في الكفَّارة: {فَكَفَّارَتُهُ (٢) إِطْعَامُ عَشَرَةِ} [المائدة: ٨٩]، و {فَإِطْعَامُ (٣) سِتِّينَ مِسْكِينًا} [المجادلة: ٤]، فعلَّق الأمر بالمصدر الذي هو الإطعام، ولم يَحُدَّ لنا جنسَ الطَّعام ولا قدْرَه، وحدَّ لنا جنس المُطْعَمين وقدْرَهم، فأطلق الطَّعام وقيَّد المطعومين. ورأيناه سبحانه حيث ذكر إطعام المسكين في كتابه، فإنَّما أراد به الإطعام المعهود المتعارف، كقوله تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (١٢) فَكُّ رَقَبَةٍ (١٣) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (١٤) يَتِيمًا} [البلد: ١٢ - ١٥]. وقال: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} [الإنسان: ٨]. وكان من المعلوم يقينًا أنَّهم لو غَدَّوهم أو عَشَّوهم، أو أطعموهم


(١) في المطبوع: «وما أجمعت» خلاف النسخ.
(٢) في النسخ: «فإطعام».
(٣) في النسخ: «إطعام».