للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكسوتهنّ (١)، فالمرأة إنَّما تدخل اليوم على رجاء الدُّنيا، فصار هذا العرف (٢) كالمشروط في العقد، وكان عرف الصَّحابة ونسائهم كالمشروط في العقد، والشَّرط العرفيُّ في أصل مذهبه كاللَّفظيِّ، وإنَّما أَنكر على مالك كلامَه هذا من لم يفهمه ويفهم غَوْرَه.

وفي المسألة مذهبٌ آخر، وهو: أنَّ الزَّوج إذا أعسرَ بالنَّفقة حُبِس حتَّى يجدَ ما ينفقه. وهذا المذهب (٣) حكاه النَّاس ــ ابنُ حزمٍ (٤) وصاحبُ «المغني» وغيرُهما ــ عن عبيد الله بن الحسن العَنْبري قاضي البصرة (٥). وياللَّه العجب! لأيِّ شيءٍ يُسجَن ويُجمَع عليه بين عذاب السِّجن وعذاب الفقر وعذاب البعد عن أهله؟ سبحانك هذا بهتانٌ عظيمٌ، وما أظنُّ من شَمَّ رائحة العلم يقول هذا.

وفي المسألة مذهبٌ آخر، وهو: أنَّ المرأة تُكلَّف الإنفاقَ (٦) إذا كان عاجزًا عن نفقة نفسه. وهذا مذهب أبي محمد ابن حزم، وهو خيرٌ بلا شكَّ من مذهب العنبري. قال في «المحلَّى» (٧): فإن عجز الزَّوج عن نفقة نفسه، وامرأتُه غنيَّةٌ، كُلِّفتِ النَّفقةَ عليه، لا تَرجِع بشيء من ذلك إن أيسرَ. برهانُ


(١) في المطبوع: «ونفقتهم وكسوتهم» خلاف النسخ.
(٢) في المطبوع: «المعروف».
(٣) م: «مذهب».
(٤) في المطبوع: «عن ابن حزم»، خطأ. فابن حزم ردَّ عليه واستغربه.
(٥) انظر: «المحلى» (١٠/ ٩٣) و «المغني» (١١/ ٣٦١).
(٦) بعدها في المطبوع: «عليها» ليست في النسخ.
(٧) (١٠/ ٩٢).