للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك قول الله عزَّ وجلَّ: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا (١) لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: ٢٣٣]، والزوجة وارثةٌ، فعليها النَّفقةُ بنصِّ القرآن.

ويا عجبًا لأبي محمد! لو تأمَّل سياقَ الآية لتبيَّن له منها خلافُ ما فهمه؛ فإنَّ الله سبحانه قال: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}، وهذا ضمير الزَّوجات بلا شكٍّ، ثمَّ قال: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ}، فجعل سبحانه على وارثِ المولود له، أو وارثِ الولد مِنْ رزقِ الوالدات وكسوتهنَّ بالمعروف مثلَ ما على الموروث، فأين في الآية نفقةٌ على غير الزَّوجات حتَّى يُحمَل عمومُها لما ذهب إليه؟

واحتجَّ من لم ير الفسخ بالإعسار بقوله تعالى: {(٦) لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا} [الطلاق: ٧]. قالوا: وإذا لم يكلِّفه الله النَّفقةَ في هذه الحال فقد ترك ما لا يجب عليه، ولم يأثم بتركه، فلا يكون سببًا للتَّفريق بينه وبين حبِّه وسَكَنِه وتعذيبِه بذلك.

قالوا: وقد روى مسلم في «صحيحه» (٢) من حديث أبي الزبير عن جابر قال: دخل أبو بكر وعمر على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فوجداه جالسًا حوله نساؤه واجمًا ساكتًا، فقال أبو بكر: يا رسول اللَّه، لو رأيتَ بنتَ خارجة سألتْني النَّفقةَ فقمتُ إليها فوجأتُ عنقَها، فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: هنَّ حولي كما ترى يسألنني النَّفقة، فقام أبو بكر إلى عائشة يَجَأُ عنقها، وقام عمر إلى


(١) «لا تكلف نفس إلا وسعها» ليست في النسخ.
(٢) برقم (١٤٧٨).