للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حفصة يجأ عنقها (١)، كلاهما يقول: تسألن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما ليس عنده؟ فقلن: والله لا نسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئًا أبدًا ما ليس عنده، ثمَّ اعتزلهنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شهرًا. وذكر الحديث.

قالوا: فهذا أبو بكر وعمر يضربان ابنتيهما بحضرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ سألاه نفقةً لا يجدها، ومن المحال أن يضربا طالبتينِ للحقِّ ويُقِرَّهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، فدلَّ على أنَّه لا حقَّ لهما فيما طلبَتَاه من النَّفقة في حال الإعسار، وإذا كان طلبهما لها (٢) باطلًا فكيف تُمكَّن المرأةُ من فسخ النِّكاح بعدمِ ما ليس لها طلبُه ولا يحلُّ لها، وقد أمر الله سبحانه صاحبَ الدَّين أن يُنظِر المعسرَ إلى الميسرة، وغاية النَّفقة أن يكون دَينًا، فالمرأة مأمورةٌ بإنظار الزَّوج إلى الميسرة (٣) بنصِّ القرآن. هذا إن قيل: تثبت في ذمَّة الزَّوج، وإن قيل: تسقط بمضيِّ الزَّمان فالفسخ أبعدُ وأبعدُ.

قالوا: فاللَّه سبحانه وتعالى أوجبَ على صاحب الحقِّ الصَّبر على المُعسِر، ونَدَبَه إلى الصَّدقة بترك حقِّه، وما عدا هذين الأمرين فَجَورٌ لم يُبِحه له، ونحن نقول لهذه المرأة كما قال الله تعالى لها سواءً بسواءٍ: إمَّا أن تُنظِريه إلى الميسرة وإمَّا أن تَصَّدَّقي، ولا حقَّ لكِ فيما عدا هذين الأمرين.

قالوا: ولم يزل في الصَّحابة المعسرُ والموسرُ، وكان مُعسِروهم أضعافَ أضعافِ موسريهم، فما مكَّن النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - قطُّ امرأةً واحدةً من الفسخ بإعسار زوجها، ولا أعلَمَها أنَّ الفسخ حقٌّ لها، فإن شاءت صبرت وإن شاءت


(١) «وقام عمر إلى حفصة يجأ عنقها» ليست في ز.
(٢) «لها» ليست في د، ص.
(٣) «وغاية ... الميسرة» ساقطة من د.