للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورجعوا عنه، وهكذا يصنع أهل العلم إذا أتتهم السُّنَّة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجعوا إليها وتركوا قولهم بغيرها.

قال الذين لا يحرِّمون بلبن الفحل: إنَّما ذكر الله سبحانه في كتابه التَّحريم بالرَّضاعة من جهة الأمِّ، فقال: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: ٢٣]، واللَّام للعهد ترجع إلى الرَّضاعة المذكورة وهي رضاعة الأمِّ، وقد قال تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: ٢٤]. فلو أثبتنا التَّحريم بالحديث لكنَّا قد نسخنا القرآن بالسُّنَّة. وهذا على أصل مَن يقول: الزِّيادة على النَّصِّ نسخٌ ألزمُ.

قالوا: وهؤلاء أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هم أعلم الأمَّة بسنَّته وكانوا لا يرون التَّحريم به (١)، فصحَّ عن أبي عبيدة بن عبد الله بن زَمْعة أنَّ أمَّه زينب بنت أم سلمة أمِّ المؤمنين أرضعتْها أسماء بنت أبي بكر الصديق امرأةُ الزُّبير بن العوَّام، قالت زينب: وكان الزبير يدخل عليَّ وأنا أمتشط فيأخذ بقرنٍ من قرون رأسي ويقول: أَقبلي عليَّ فحدِّثيني، أرى أنَّه أبي وما ولد فهم إخوتي. ثمَّ إنَّ عبد الله بن الزبير أرسل إليَّ يخطب أمَّ كلثوم ابنتي على حمزة بن الزبير، وكان حمزة للكلبيَّة، فقلتُ (٢) لرسوله: وهل تحلُّ له؟ وإنَّما هي ابنة أخته، فقال عبد الله: إنَّما أردت بهذا المنع لما قبلك (٣)، أمَّا ما ولدت أسماء فهم إخوتكِ، وما كان من غير أسماء فليسوا لكِ بإخوةٍ، فأَرسِلي


(١) «به» ليست في ص.
(٢) في المطبوع: «فقالت» خلاف النسخ.
(٣) في المطبوع: «من قبلك» خلاف النسخ.