للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحدهما: أنَّها رضعةٌ واحدةٌ ولو قطعته مرارًا، حتَّى يقطع باختياره. قالوا: لأنَّ الاعتبار بفعله لا بفعل المرضعة، ولهذا لو ارتضع منها وهي نائمةٌ حسب رضعةً، فإذا قطعت عليه لم يعتدَّ به، كما لو شرع في أكلةٍ واحدةٍ أمره بها الطَّبيب، فجاء شخصٌ فقطعها عليه، ثمَّ عاد، فإنَّها أكلةٌ واحدةٌ.

والوجه الثَّاني: أنَّها رضعةٌ أخرى، لأنَّ الرَّضاع يصحُّ من المرتضع ومن المرضعة، ولهذا لو أوجَرتْه وهو نائمٌ احتسب رضعةً.

ولهم فيما إذا انتقل من ثدي امرأةٍ إلى ثدي غيرها وجهان:

أحدهما: لا يعتدُّ بواحدٍ منهما، لأنَّه انتقل من إحداهما إلى الأخرى قبل تمام الرَّضعة، فلم تتمَّ الرَّضعة من إحداهما. ولهذا لو انتقل من ثدي المرأة إلى ثديها الآخر كانا رضعةً واحدةً.

والثَّاني: أنَّه يحتسب من كلِّ واحدةٍ منهما رضعةٌ، لأنَّه ارتضع وقطعَه باختياره من شخصين.

وأمَّا مذهب الإمام أحمد، فقال صاحب «المغني» (١): إذا قطع قطعًا بيِّنًا باختياره كان ذلك رضعةً، فإن عاد كانت رضعةً أخرى. فأمَّا إن قطع لضيق نفسٍ، أو للانتقال من ثديٍ إلى ثديٍ، أو لشيءٍ يُلهِيه، أو قطعت عليه المرضعة= نظرنا، فإن لم يعد قريبًا فهي رضعةٌ، وإن عاد في الحال ففيه وجهان:

أحدهما: أنَّ الأولى رضعةٌ، فإذا عاد، فهي رضعةٌ أخرى. قال: وهذا


(١) (١١/ ٣١٢).