للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اختيار أبي بكر، وظاهر كلام أحمد في رواية حنبل، فإنَّه قال: أما ترى الصَّبيَّ يرتضع من الثَّدي، فإذا أدركه النَّفس أمسك عن الثَّدي ليتنفَّس أو يستريح، فإذا فعل ذلك فهي رضعةٌ. قال الشَّيخ: وذلك أنَّ الأولى رضعةٌ لو لم يعد، فكانت رضعةً وإن عاد، كما لو قطع باختياره.

والوجه الآخر: أنَّ جميع ذلك رضعةٌ، وهو مذهب الشَّافعيِّ، إلا فيما إذا قطعت عليه المرضعة، ففيه وجهان؛ لأنَّه لو حلف: لا أكلتُ اليوم إلا أكلةً واحدةً، فاستدام الأكل زمنًا، أو قطع لشرب ماءٍ، أو انتقالٍ من لونٍ إلى لونٍ، أو انتظارٍ لما يُحمل إليه من الطَّعام= لم يعدَّ إلا أكلةً. قال (١): والوَجُور رضعةٌ، فكذا هذا.

قلت: وكلام أحمد يحتمل أمرين، أحدهما: ما ذكره الشَّيخ، ويكون قوله: «فهي رضعةٌ» عائد (٢) إلى الرَّضعة الثَّانية. الثَّاني: أن يكون المجموع رضعةً، ويكون قوله: «فهي رضعةٌ» عائد إلى الأوَّل أو الثَّاني، وهذا أظهر محتمليه؛ لأنَّه استدلَّ بقطعه للتَّنفُّس (٣)، أو الاستراحة على كونها رضعةً واحدةً. ومعلومٌ أنَّ هذا الاستدلال أليقُ بكون الثَّانية مع الأولى واحدةً من كون الثَّانية رضعةً مستقلَّةً، فتأمَّلْه.

وأمَّا قياس الشَّيخ له على يسير السَّعوط والوَجُور، فالفرق بينهما أنَّ


(١) وفي المطبوع بدل «قال»: «واحدة، فكذا هاهنا، والأول أصح، لأن اليسير من السعوط» كما في «المغني»، وليست في النسخ. والظاهر أن المؤلف اختصر العبارة.
(٢) كذا في النسخ مرفوعًا هنا وفيما يأتي، والوجه النصب.
(٣) د، ح: «للنفس».