للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلنا: فائدته إبطال تعلُّق التَّحريم بالقطرة من اللَّبن، أو المصَّة الواحدة الَّتي لا تُغنِي من جوعٍ، ولا تُنبِت لحمًا، ولا تُنشِر عَظْمًا.

قالوا: وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا رضاعَ إلا ما كان في الحولين»، و «كان في الثَّدي قبل الفطام» (١) ليس بأبلغَ من قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا ربا إلا في النَّسيئة» (٢) و «إنَّما الرَّبا في النَّسيئة» (٣)، ولم يمنع ذلك ثبوتَ ربا الفضل بالأدلَّة الدَّالَّة عليه، فكذا هذا. فأحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسُننه الثَّابتة كلُّها حقٌّ يجب اتِّباعها، ولا يُضرَب بعضُها ببعضٍ، ولا يُعارَض بعضُها ببعضٍ (٤) بل يُستعمل كلٌّ منها على وجهه.

قالوا: وممَّا يدلُّ على ذلك أنَّ عائشة أمَّ المؤمنين، وأفقه نساء الأمَّة هي الَّتي روتْ هذا وهذا. فهي الَّتي روتْ «إنَّما الرَّضاعة من المجاعة»، وروت حديث سهلة وأخذتْ به، فلو كان عندها حديث «إنَّما الرَّضاعة من المجاعة» مخالفًا لحديث سهلة لما ذهبتْ إليه، وتركتْ حديثًا واجهها به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتغيَّر وجهه، وكره الرَّجل الذي رآه عندها، وقالت: هو أخي.

قالوا: وقد صحَّ عنها أنَّها كانت تُدخِل عليها الكبيرَ إذا أرضعته ــ في حال كِبَرِه ــ أختٌ من أخواتها الرَّضاعَ المحرِّم، ونحن نشهد بشهادة اللَّه، ونقطع قطعًا نلقاه به يوم نَلقاه (٥)، أنَّ أمَّ المؤمنين لم تكن لِتُبِيح سِتْرَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -


(١) تقدم تخريجهما (ص ١٥٩، ١٥٨) من حديثي ابن عباس وأم سلمة.
(٢) أخرجه البخاري (٢١٧٨) من حديث أسامة بن زيد - رضي الله عنه -.
(٣) هو الحديث السابق نفسه، وهذا لفظ مسلم (١٥٩٦/ ١٠٢).
(٤) «ولا يعارض بعضها ببعض» ليست في المطبوع.
(٥) في المطبوع: «يوم القيامة» خلاف النسخ.