للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بحيث ينتهكه من لا يحلُّ له انتهاكُه، ولم يكن الله عزَّ وجلَّ لِيُبِيحَ ذلك على يد الصِّدِّيقة بنت الصِّدِّيق المبرَّأة من فوق سبع سماواتٍ، وقد عصم الله سبحانه ذلك الجنابَ الكريم والحِمى المنيع والشَّرف الرَّفيع أتمَّ عصمةٍ، وصانه أعظمَ صيانةٍ، وتولَّى صيانته وحمايته والذَّبَّ عنه بنفسه ووحيه وكلامه.

قالوا: فنحن نُوقن ونقطع ونَبُتُّ (١) الشَّهادة لله بأنَّ فِعْلَ عائشة هو الحقُّ، وأنَّ رضاع الكبير يقع به من التَّحريم والمَحْرميَّة ما يقع برضاع الصَّغير، ويكفينا أمُّنا أفقهُ نساء الأمَّة على الإطلاق، وقد كانت تناظر في ذلك نساءه - صلى الله عليه وسلم -، ولا يُجِبْنَها بغير قولهنِّ: ما أحدٌ داخلًا علينا بتلك الرَّضاعة. ويكفينا في ذلك أنَّه مذهب ابنِ عمِّ نبيِّنا (٢) وأعلمِ أهل الأرض على الإطلاق حين كان خليفةً، ومذهب اللَّيث بن سعدٍ الذي شهد له الشَّافعيُّ بأنَّه كان أفقه من مالك إلا أنَّه ضيَّعه أصحابه، ومذهب عطاء بن أبي رباحٍ ذكره عبد الرزاق عن ابن جريجٍ عنه (٣). وذكر مالك (٤) عن الزُّهريِّ أنَّه سئل عن رضاع الكبير، فاحتجَّ بحديث سهلة بنت سهيل في قصَّة سالمٍ مولى أبي حذيفة. وقال عبد الرزاق (٥): وأخبرني ابن جريجٍ، قال: أخبرني عبد الكريم، أنَّ


(١) ز: «نثبت».
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) تقدم تخريجه (ص ١٩٢).
(٤) في «الموطأ» (١٧٧٥)، وقد تقدم (ص ١٩١).
(٥) تقدم.