للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإباحته للواحد إباحةٌ للجميع (١)؛ لأنَّ ذلك يُؤدِّي إلى إسقاط الأمر الأوَّل والنَّهي الأوَّل، بل نقول: إنَّه خاصٌّ بذلك الواحد لتتَّفق النُّصوص وتأتلف (٢)، ولا يعارض بعضها بعضًا، فحرَّم الله في كتابه أن تُبدِي المرأة زينتها لغير مَحْرمٍ، وأباح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لسهلة أن تُبدي زينتها لسالم وهو غير محرمٍ عند إبداء الزِّينة قطعًا، فيكون ذلك رخصةً خاصَّةً بسالم (٣)، مستثناةً من عموم التَّحريم، ولا نقول: إنَّ حكمها عامٌّ، فيبطل حكم الآية المحرِّمة.

قالوا: ويتعيَّن هذا المسلك، لأنَّا لو لم نسلكه لزِمَنا أحدُ مسلكين لا بدَّ منهما: إمَّا نسخ هذا الحديث بالأحاديث الدالَّة على اعتبار الصِّغر في التَّحريم، وإمَّا نسخها به، ولا سبيلَ إلى واحدٍ من الأمرين لعدم العلم بالتَّاريخ، ولعدم تحقُّق المعارضة، ولإمكان العمل بالأحاديث كلِّها، فإنَّا (٤) إذا حملنا حديث سهلة على الرُّخصة الخاصَّة، والأحاديث الأُخَر على عمومها فيما عدا سالمًا، لم تتعارض، ولم يَنسخ بعضُها بعضًا، وعُمِل بجميعها.

قالوا: وإذا كان النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - قد بيَّن أنَّ الرَّضاع إنَّما يكون في الحولين، وأنَّه إنَّما يكون في الثَّدي، وإنَّما يكون قبل الفطام= كان في ذلك ما يدلُّ على أنَّ حديث سهلة على الخصوص، سواءٌ تقدَّم أو تأخَّر، فلا ينحصر بيان الخصوص في قوله: «هذا لك وحدك» حتَّى يتعيَّن طريقًا.


(١) «وإباحته ... للجميع» ساقطة من د.
(٢) بعدها في ص، د، ز: «النصوص».
(٣) د: «لسالم».
(٤) د: «فأما»، خطأ.