للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كليهما، فلا تخرج من عدَّتها بيقينٍ حتَّى تأتي بأقصى الأجلين.

قالوا: ولا يمكن تخصيص عموم إحداهما بخصوص الأخرى، لأنَّ كلَّ آيةٍ منهما عامَّةٌ من وجهٍ خاصَّةٌ من وجهٍ:

قالوا: فإذا أمكن دخول بعض الصُّور في عموم الآيتين، يعني إعمالًا للعموم في مقتضاه، فإذا اعتدَّت أقصى الأجلين دخل أدناهما في أقصاهما.

والجمهور أجابوا عن هذا بثلاثة (١) أجوبةٍ:

أحدها: أنَّ صريح السُّنَّة يدلُّ على اعتبار الحمل فقط، كما في «الصَّحيحين» (٢): أنَّ سُبَيعة الأسلمية توفِّي عنها زوجها وهي حبلى، فوضعت، فأرادت أن تنكح، فقال لها أبو السنابل: ما أنتِ بناكحةٍ حتَّى تعتدِّي آخرَ الأجلين، فسألت النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «كذب أبو السنابل، قد حَلَلْتِ فانكحي مَن شئتِ».

الثَّاني: أنَّ قوله: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤] نزلت بعد قوله: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: ٢٣٤]، وهذا جواب عبد الله بن مسعودٍ، كما في «صحيح البخاريِّ» (٣) عنه: أتجعلون عليها التَّغليظ، ولا تجعلون لها الرُّخصة؟ أَشهدُ لَنزلتْ سورة النِّساء القُصرى بعد الطُّولى: {وَأُولَاتُ


(١) د: «بثلاث».
(٢) البخاري (٥٣١٨)، ومسلم (١٤٨٤).
(٣) برقم (٤٥٣٢).