معناه: لاستقبال عدَّتهنَّ، لا فيها، وإذا كانت العدَّة الَّتي يطلَّق لها النِّساء مستقبلةً بعد الطَّلاق، فالمستقبل بعدها إنَّما هو الحيض، فإنَّ الطَّاهر لا تستقبل الطُّهر إذ هي فيه، وإنَّما تستقبل الحيض بعد حالها الَّتي هي فيها. هذا المعروف لغةً وعقلًا وعرفًا، فإنَّه لا يقال لمن هو في عافيةٍ: هو مستقبِلٌ العافيةَ، ولا لمن هو في أمنٍ: هو مستقبِلٌ الأمنَ، ولا لمن هو في قبضِ مُغَلِّه وإحرازِه: هو مستقبِلٌ المغلَّ، وإنَّما المعهود لغةً وعرفًا أن يَستقبل الشَّيءَ من هو على حالٍ ضدَّه، وهذا أظهر من أن نُكثِر شواهده.
فإن قيل: فيلزم من هذا أن يكون من طلَّق في الحيض مطلِّقًا للعدَّة عند من يقول: الأقراء الأطهار؛ لأنَّها تستقبل طهرها بعد حالها الَّتي هي فيها.
قلنا: نعم يلزمهم ذلك، فإنَّه لو كان أوَّل العدَّة الَّتي يُطلِّق لها المرأةَ هو الطُّهر لكان إذا طلَّقها في أثناء الحيض مطلِّقًا للعدَّة؛ لأنَّها تستقبل الطُّهر بعد ذلك الطَّلاق.
فإن قيل: اللَّام بمعنى «في»، والمعنى: فطلِّقوهنَّ في عدَّتهنَّ، وهذا إنَّما يمكن إذا طلَّقها في الطُّهر، بخلاف ما إذا طلَّقها في الحيض.
قيل: الجواب من وجهين:
أحدهما: أنَّ الأصل عدم الاشتراك في الحروف، والأصل إفراد كلِّ حرفٍ بمعناه، فدعوى خلاف ذلك مردودةٌ بالأصل.
الثَّاني: أنَّه يلزم منه أن يكون بعض العدَّة ظرفًا لزمن الطَّلاق، فيكون الطَّلاق واقعًا في نفس العدَّة ضرورةَ صحَّة الظَّرفيَّة، كما إذا قلتَ: فعلتُه في يوم الخميس، بل الغالب في الاستعمال من هذا أن يكون بعض الظَّرف سابقًا