للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على الفعل، ولا ريبَ في امتناع هذا، فإنَّ العدَّة تتعقَّب الطَّلاق، ولا تُقارِنه ولا تتقدَّم عليه.

قالوا: ولو سلَّمنا أنَّ اللَّام بمعنى «في»، وساعد على ذلك قراءة (١) ابن عمر وغيره: (فطلِّقوهنَّ في قُبُلِ عدَّتهنَّ)، فإنَّه لا يلزم من ذلك أن يكون القرء هو الطُّهر، فإنَّ القرء حينئذٍ يكون هو الحيض، وهو المعدود المحسوب، وما قبله من الطُّهر يدخل في حكمه تبعًا وضمنًا لوجهين:

أحدهما: أنَّ من ضرورة الحيض أن يتقدَّمه (٢) طهرٌ، فإذا قيل: تربَّصي (٣) ثلاث حيضٍ، وهي في أثناء الطُّهر كان ذلك الطُّهر من مدَّة التَّربُّص، كما لو قيل لرجلٍ: أقِمْ هاهنا ثلاثة أيَّامٍ، وهو في أثناء ليلةٍ، فإنَّه يدخل بقيَّة تلك اللَّيلة في اليوم الذي يليها، كما تدخل ليلة اليومين الآخرين في يومَيْهما. ولو قيل له في النَّهار: أقِمْ ثلاثَ ليالٍ، دخل تمام ذلك النَّهار تبعًا للَّيلة الَّتي تليه.

الثَّاني: أنَّ الحيض إنَّما يتمُّ باجتماع الدَّم في الرَّحم قبله، فكان الطُّهر مقدِّمةً وسببًا لوجود (٤) الحيض، فإذا عُلِّق الحكم بالحيض فمن لوازمه ما لا يوجد الحيض إلا بوجوده. وبهذا يظهر أنَّ هذا أبلغ من الأيَّام واللَّيالي، فإنَّ اللَّيل والنَّهار متلازمان، وليس أحدهما سببًا لوجود الآخر، وهنا الطُّهر


(١) د، ص، م: «فرواه».
(٢) د: «يتقدم».
(٣) ز، ح، م: «تربصن».
(٤) ز، ح، م: «وسبب الوجود».