للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سببًا (١) لاجتماع الدَّم في الرَّحم، فقوله سبحانه: {لِعِدَّتِهِنَّ} أي لاستقبال العدَّة الَّتي تتربَّصها، وهي تتربَّص ثلاث حيضٍ بالأطهار الَّتي قبلها. فإذا طُلِّقت في أثناء الطُّهر فقد طُلِّقت في الوقت الذي تستقبل فيه العدَّة المحسوبة، وتلك العدَّة هي الحيض بما قبلها من الأطهار، بخلاف ما لو طُلِّقت في أثناء حيضةٍ، فإنَّها لم تُطلَّق لعدَّةٍ تحسبها؛ لأنَّ بقيَّة ذاك الحيض ليس هو العدَّة الَّتي تعتدُّ بها المرأة أصلًا ولا تبعًا لأصلٍ، وإنَّما تُسمَّى عدَّةً لأنَّها تحبس فيها عن الأزواج.

إذا عُرِف هذا فقوله: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} [الأنبياء: ٤٧]، يجوز أن تكون لام التَّعليل، أي: لأجل يوم القيامة. وقد قيل: إنَّ القسط منصوبٌ على أنَّه مفعولٌ له، أي نضعها لأجل القسط، وقد استوفى شروط نصبه. وأمَّا قوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: ٧٨]، فليست اللَّام بمعنى «في» قطعًا، بل قيل: إنَّها لام التَّعليل، أي: لأجل دلوك الشَّمس، وقيل: إنَّها بمعنى «بعد»، فإنَّه ليس المراد إقامتها وقتَ الدُّلوك، سواءٌ فُسِّر بالزَّوال أو الغروب، وإنَّما يؤمر بالصَّلاة بعده، ويستحيل حملُ آية العدَّة على ذلك، وهذا (٢) يستحيل حمل آية العدَّة عليه، إذ يصير المعنى: فطلِّقوهنَّ بعد عدَّتهنَّ. فلم يبقَ إلا أن يكون المعنى: فطلِّقوهنَّ لاستقبال عدَّتهنَّ، ومعلومٌ أنَّها إذا طُلِّقت طاهرًا استقبلت العدَّة بالحيض. ولو كانت الأقراء الأطهار لكانت السُّنَّة أن تُطلَّق حائضًا لتستقبل العدَّة بالأطهار، فبيَّن النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -


(١) كذا في النسخ منصوبًا.
(٢) كذا في النسخ. وفي المطبوع: «وهكذا».