للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنَّ العدَّة الَّتي أمر الله أن تُطلَّق لها النِّساء هي أن تُطلَّق طاهرًا لتستقبل عدَّتها بعد الطَّلاق.

فإن قيل: فإذا جعلنا الأقراء الأطهار استقبلت عدَّتها بعد الطَّلاق بلا فصلٍ، ومن جعلها الحيض لم تستقبلها على قوله حتَّى ينقضي الطُّهر.

قيل: كلام الرَّبِّ تبارك وتعالى لا بدَّ أن يحمل على فائدةٍ مستقلَّةٍ، وحمل الآية على معنى: فطلِّقوهنَّ طلاقًا تكون العدَّة بعده لا فائدة فيه، وهذا بخلاف ما إذا كان المعنى: فطلِّقوهنَّ طلاقًا يستقبلن فيه العدَّة، لا يستقبلن فيه طهرًا لا يُعتدُّ به، فإنَّها إذا طُلِّقت حائضًا استقبلت طهرًا لا يُعتدُّ به، فلم تُطلَّق لاستقبال العدَّة. ويوضِّحه قراءة من قرأ: (فطلِّقوهنَّ في قُبُلِ عدِّتهنَّ)، وقُبُلُ العدَّة هو الوقت الذي يكون بين يدي العدَّة تستقبل به، كقبل الحائض (١). يوضِّحه أنَّه لو أريد ما ذكروه لقيل: في أوَّل عدَّتهنَّ، فالفرق بين قُبُلِ الشَّيء وأوَّلِه.

وأمَّا قولكم: لو كانت القروء هي الحيض لكان قد طلَّقها قبل العدَّة.

قلنا: أجل، وهذا هو الواجب عقلًا وشرعًا، فإنَّ العدَّة لا تفارق الطَّلاق ولا تسبقه، بل يجب تأخُّرها (٢) عنه (٣).

قولكم: فكان ذلك تطويلًا عليها، كما لو طلَّقها في الحيض.

قيل: هذا مبنيٌّ على أنَّ العلَّة في تحريم طلاق الحائض خشيةُ التَّطويل


(١) ص، د، م: «الحائط».
(٢) ص، د: «تأخيرها».
(٣) د، ز، م: «عنها».