للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليها، وكثيرٌ من الفقهاء لا يرضَون (١) هذا التَّعليل، ويُفسِدونه بأنَّها لو رضيت بالمطلّق فيه واختارت التَّطويل لم يُبَحْ له، ولو كان ذلك لأجل التَّطويل لأُبيحَ (٢) له برضاها، كما يُباح إسقاط الرَّجعة الذي هو حقُّ المطلِّق بتراضيهما بإسقاطها بالعوض اتِّفاقًا، وبدونه في أحد القولين، وهو مذهب أبي حنيفة، وإحدى الرِّوايتين عن أحمد ومالك، ويقولون: إنَّما حرم طلاقها في الحيض لأنَّه طلَّقها في وقت رغبته عنها. ولو سلَّمنا أنَّ التَّحريم لأجل التَّطويل عليها فالتَّطويل (٣) المضرُّ أن يطلِّقها حائضًا، فتنتظر مُضِيَّ الحيضة والطُّهر الذي يليها، ثمَّ تأخذ في العدَّة، فلا تكون مستقبلةً لعدَّتها بالطَّلاق، وأمَّا إذا طُلِّقت طاهرًا فإنَّها تستقبل العدَّة عقيبَ انقضاء الطُّهر، فلا يتحقَّق التَّطويل.

وقولكم: إنَّ القرء مشتقٌّ من الجمع، وإنَّما يجمع الحيض في زمن الطُّهر.

عنه ثلاثة أجوبةٍ، أحدها: أنَّ هذا ممنوعٌ، والَّذي هو مشتقٌّ من الجمع إنَّما هو من بنات الياء من المعتلِّ، من قَرى يَقْرِي كقضى يقضي، والقرء من المهموز من بنات الهمز، من قرأ يقرأ كنَحَر ينْحَر، وهما أصلان مختلفان، فإنَّهم يقولون: قريتُ الماء في الحوض أَقرِيه، أي: جمعتُه، ومنه سُمِّيت القرية، ومنه قرية النَّمل: للبيت الذي تجتمع فيه؛ لأنَّه يَقْرِيها، أي يضمُّها ويجمعها. وأمَّا المهموز فإنَّه من الظُّهور والخروج على وجه التَّوقيت


(١) د: «لا يوهون».
(٢) في المطبوع: «لم تبح»، خطأ يقلب المعنى. والمثبت من النسخ.
(٣) «عليها فالتطويل» ساقطة من د.