للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك في شأنهنَّ لا يدلُّ على أنَّهنَّ أعلمُ به من الرِّجال، وإلَّا كانت كلُّ آيةٍ نزلت في النِّساء تكون النِّساء أعلمَ بها من الرِّجال، ويجب على الرِّجال تقليدهنَّ في معناها وحكمها، فيَكُنَّ أعلم من الرِّجال بآية الرَّضاع، وآيةِ الحيض، وتحريم وطء الحائض، وآية عدَّة المتوفَّى عنها، وآية الحمل والفصال ومدَّتهما، وآية تحريم إبداء الزِّينة إلا لمن ذكر فيها، وغير ذلك من الآيات الَّتي تتعلَّق بهنَّ، وفي شأنهنَّ نزلت، ويجب على الرِّجال تقليدهنَّ في حكم هذه الآيات ومعناها، وهذا لا سبيل إليه البتَّةَ.

كيف ومدار العلم بالوحي على الفهم والمعرفة ووفورِ العقل، والرِّجالُ أحقُّ بهذا من النِّساء، وأوفرُ نصيبًا (١) منه، بل لا يكاد يختلف الرِّجال والنِّساء في مسألةٍ إلا والصَّواب في جانب الرِّجال. وكيف يقال: إذا اختلفت عائشة وعمر بن الخطَّاب وعليُّ بن أبي طالبٍ وعبد الله بن مسعودٍ في مسألةٍ: إنَّ الأخذ بقول عائشة أولى؟ وهل الأولى إلا قولٌ فيه خليفتان راشدان؟ وإن كان الصِّدِّيق معهما كما حُكِي عنه فذلك القول ممَّا لا يعدوه الصَّواب البتَّةَ، فإنَّ النَّقل عن عمر وعلي ثابتٌ، وأمَّا عن الصِّدِّيق ففيه غرابةٌ، ويكفينا قولُ جماعةٍ من الصَّحابة فيهم مثل عمر وعلي وابن مسعودٍ وأبي الدَّرداء وأبي موسى، فكيف يُقدَّم قول أمِّ المؤمنين - رضي الله عنها - وفهمها على أمثال هؤلاء؟

ثمَّ يقال: فهذه عائشة - رضي الله عنها - ترى رضاع اللبن (٢) ينشر الحرمة، ويُثبِت المحرميَّة، ومعها جماعةٌ من الصَّحابة، وقد خالفها غيرها من الصَّحابة، وهي روت حديث التَّحريم به، فهلَّا قلتم: النِّساء أعلمُ بهذا من


(١) ص، د: «نصيب».
(٢) في المطبوع: «الكبير» خلاف النسخ.