للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسرُّ المسألة: أنَّ شرائع الحلال والحرام والإيجاب إنَّما شُرِعت لمن التزم أصلَ الإيمان، ومن لم يلتزمه وخُلِّي بينه وبين دينه فإنَّه يُخلَّى بينه وبين شرائع الدِّين الذي التزمه كما خلِّي بينه وبين أصله، ما لم يحاكم إلينا. وهذه القاعدة متَّفقٌ عليها بين العلماء، ولكن عذر الذين أوجبوا الإحداد على الذِّمِّيَّة أنَّه يتعلَّق به حقُّ الزَّوج المسلم، وكان في إلزامها به كأصل العدَّة، ولهذا لا يُلزِمونها به في عدَّتها من الذِّمِّيِّ، ولا يُتعرَّض لها فيها، فصار هذا كعقودهم مع المسلمين، فإنَّهم يُلزَمون فيها بأحكام الإسلام، وإنّا (١) لم نتعرَّض لعقودهم مع بعضهم بعضًا. ومن ينازعهم في ذلك يقولون: الإحداد حقٌّ لله، ولهذا لو اتَّفقت هي والأولياء والمتوفَّى على سقوطه ــ بأن أوصاها بتركه ــ لم يسقط، ولزِمَها الإتيان به، فهو جارٍ مجرى العبادات، وليست الذِّمِّيَّة من أهلها، فهذا سرُّ المسألة.

فصل

الحكم الخامس (٢): أنَّ الإحداد لا يجب على الأمة ولا أمِّ الولد إذا مات سيِّدهما (٣)، لأنَّهما ليسا بزوجين. قال ابن المنذر (٤): لا أعلمهم يختلفون (٥) في ذلك.


(١) م: «وإذا».
(٢) كذا في جميع النسخ. ولم يسبق ذكر الحكم الرابع.
(٣) د، ز: «سيدها».
(٤) كما في «المغني» (١١/ ٢٨٤). وانظر: «الأوسط» (٩/ ٥٦٥).
(٥) ص، د، ز، م: «يخلفون».