للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قيل: فهل لهما أن تُحِدَّان (١) ثلاثة أيَّامٍ؟

قيل: نعم لهما ذلك، فإنَّ النَّصَّ إنَّما حرَّم الإحداد فوق الثَّلاث على غير الزَّوج، وأوجبه أربعة أشهرٍ وعشرًا على الزَّوج، فدخلت الأمة وأمُّ الولد فيمن يحلُّ له الإحدادُ، لا فيمن يحرم عليهنَّ، ولا فيمن يجب.

فإن قيل: فهل يجب على المعتدَّة من طلاقٍ، أو وطءِ شبهةٍ، أو زنًا، أو استبراءٍ إحدادٌ؟

قلنا: هذا هو الحكم السادس الذي دلَّت عليه السُّنَّة، أنَّه لا إحدادَ على واحدةٍ من هؤلاء؛ لأنَّ السُّنَّة أثبتتْ ونفتْ، فخصَّت بالإحداد الواجب الزَّوجاتِ وبالجائز غيرَهنَّ على الأموات خاصَّةً، وما عداهما فهو داخلٌ في حكم التَّحريم على الأموات، فمن أين لكم دخولُه في الإحداد على المطلَّقة البائن (٢)؟ وقد قال سعيد بن المسيب وأبو عبيد وأبو ثورٍ وأبو حنيفة وأصحابه والإمام أحمد ــ في إحدى الرِّوايتين عنه اختارها الخرقي ــ: إنَّ البائن يجب عليها الإحداد، وهذا محض القياس؛ لأنَّها معتدَّةٌ بائنٌ من نكاحٍ، فلزمها الإحداد كالمتوفَّى عنها، لأنَّهما اشتركا في العدَّة واختلفا في سببها، ولأنَّ العدَّة تُحرِّم النِّكاحَ فحرمت دواعيه.

قالوا: ولا ريبَ أنَّ الإحداد معقول المعنى، وهو أنَّ إظهار الزِّينة والطِّيب والحُليِّ ممَّا يدعو المرأةَ إلى الرِّجال ويدعو الرِّجالَ إليها، فلا يُؤمَن


(١) كذا بإثبات النون في جميع النسخ.
(٢) في النسخ: «والبائن». والصواب حذف الواو، فإن المطلقة الرجعيّة لا إحداد عليها اتفاقًا، كما سيأتي في كلام المؤلف.